العدد 1873 - الإثنين 22 أكتوبر 2007م الموافق 10 شوال 1428هـ

مضيق هرمز وصنبور المال

مجيد جاسم Majeed.Jasim [at] alwasatnews.com

.

بحسب إحصاءات الطاقة للحكومة الأميركية (العام 2006) فإن مضيق هرمز هو نقطة عبور لنحو 16 مليون برميل نفط تقريبا من دول مجلس التعاون الخليجي يوميا. وبحساب أن متوسط سعر النفط 50 دولارا فإن المحفظة الخليجية تتخم بـ800 مليون يوميا من البترودولار، أي أن صنبور النفط الخام يوفر تقريبا 290 مليار دولار كل عام لدول المجلس.

انتقال الثروة من العالم إلى الخليج

خلال التاريخ البشري حدث انتقال آخر للثروة من حضارات أميركا الجنوبية إلى إسبانيا حيث كانت تبحر السفن المملوءة بالذهب والفضة ونفائس أخرى من المحيط الأطلسي ومباشرة إلى الخزائن الإسبانية بعد القضاء على حضاراتها كالأزتيك والأنكا. هناك انتقال آخر للثروة من العالم الى منطقة الخليج (والدول النفطية عموما) ولكن من دون الحاجة إلى اكتشاف عالم جديد وإنما عن طريق ثقوب في اليابسة تدفع بقايا ديناصورات ماتت من مئات آلالاف السنين. إسبانيا وبسبب تلك الثروات الهائلة تسيدت الكرة الأرضية وأصبحت أول امبراطورية لا تغيب عنها الشمس.

ولكن تلك الامبراطورية استمرت فترة قصيرة ويرجع اسباب السقوط المريع إلى اعتماد الإسبان على الأوروبيين الآخرين وخصوصا البريطانيين الماهرين في صناعة الأسلحة والملاحة.

أما الإسبان فالأنغماس في الثروات عودهم الكسل وعدم اتقان علوم الهندسة والصناعة واعتمدوا على المال لشراء كل شيء. أما بالنسبة إلى الدول الخليجية فلم تتسيد العالم عسكريا أو سياسيا أو اقتصاديا بل اعتمدت على البترودولار للحماية وشراء العقارات والاستثمار في بقع مختلفة من العالم. السبب الرئيسي لهذا باعتقادي هو القلة السكانية والمستوى التعليمي المتوسط في فترة السبعينات والثمانيات أما في الألفية الجديدة فتزخر معظم تلك الدول بأعداد كبيرة من الشباب المتعلم من فورة تلك الفترة.

الملاحظ أن السلوك الماضي - عموما - مستمر ولكن مع حوادث 11 سبتمبر/ أيلول 2001 قرر رأس المال الخليجي استثمار جزء كبير من الثروة في المنطقة إذ تركز معظمه في طفرة عقارية وسوق الأسهم. سؤالنا هو في هذه المرحلة المهمة: هل سيتوقف الصنبور؟ لتأتينا الإجابة: مرحلة الذهب الأسود ستنتهي بسببين: إما انتهاء الخزان (اي عدم القدرة على دفع المزيد من باطن الأرض) وإما حصول العالم على بديل للهيدروكربونات.

عدم قدرة التقنيات الحديثة على استخراج كميات اكبر من النفط حصل العام 1997 في سلطنة عمان حيث انخفض الإنتاج في أكبر حقول النفط العمانية (حقل يبال) من250 ألف برميل إلى 90 ألفا يوميا على رغم استخدام تقنيات شركة رويال دتش شل العالمية المتقدمة. هذا الحادث وضع علامات استفهام بالنسبة إلى الحقول الضخمة القديمة في المنطقة عموما. السبب الثاني هو الحصول على مصدر آخر للطاقة فمعظم دول العالم انتقلت من مرحلة الفحم إلى النفط بسبب الخصائص الفيزيائية والكيماوية للسائل الأسود على رغم أن سعر الفحم حاليا أرخص بنسبة 50 في المئة.

العالم الغربي والنفط

الدول الغربية تستهلك نصيب الأسد من الإنتاج العالمي للنفط، ولكن بعض كتّاب المقالات الغربيين لا يألون جهدا في انتقاد حكوماتهم؛ بسبب الاعتماد على نفط الشرق الأوسط مثل الكاتب الأميركي توماس فريدمان. ويسوّقون أسبابا أخرى كالتلوث الناتج من حرق الهيدروكربون، تشجيع مصادر الطاقة الخضراء والتنمية المستدامة. ولكن يجب ملاحظة أن الولايات المتحدة أكبر مصدّر للغازات الدفيئة عن طريق محطات الكهرباء التي تعمل بالفحم. الدراسات تؤكد عدم وجود مصدر قادر على أخذ مكانة الذهب الأسود حاليا ولكن هذا لا يعني أن عقودا عدة من الآن لن تشهد مقدرة الإنسان على إيجاد مصادرَ بديلة أقل إضرارا بالبيئة وبالتالي من الممكن غلق الصنبور. فماذا أعددنا لليوم التالي؟

إقرأ أيضا لـ "مجيد جاسم"

العدد 1873 - الإثنين 22 أكتوبر 2007م الموافق 10 شوال 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً