تحتل البحرين المرتبة الثالثة بين دول مجلس التعاون الخليجي في استقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة أو (إف دي آي)، تعتبر الاستثمارات الأجنبية المباشرة دليلا ناجحا على مدى قناعة المستثمرين الدوليين بأهمية الاستثمار في أي بلد ما.
وبحسب تقرير الاستثمار العالمي للعام 2007 والمنبثق عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) بلغ حجم تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة (الواردة) في العام 2006 في العالم تحديدا 1306 مليارات دولار مسجلا نسبة نمو قدرها 38 في المئة.
التوزيع العالمي للاستثمارات
تم توزيع الرقم الكلي للاستثمارات الواردة على النحو الآتي: أولا (857 مليار دولار) للاقتصادات المتقدمة مثل أميركا والاتحاد الأوروبي واليابان: ثانيا (379 مليار دولار) للاقتصادات النامية مثل الصين وكوريا الجنوبية والإمارات: ثالثا (70 مليار دولار) من نصيب اقتصادات جنوب شرقي أوروبا ودول الكومنولث المستقلة من الاتحاد السوفياتي سابقا. في التفاصيل استقطبت منطقة غرب آسيا (والمحسوبة ضمن الاقتصادات النامية) والتي تنتمي إليها دول مجلس التعاون الخليجي 60 مليار دولار.
زيادة نوعية
بحسب التقرير نجحت المملكة العربية السعودية في استقطاب 18,3 مليار دولار. ويمثل هذا الرقم أكثر من 30 في المئة من مجموع الاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة إلى منطقة غرب آسيا، بدورها استقطبت الإمارات العربية المتحدة 8,4 مليارات دولار ما يعني حلولها في المرتبة الثانية بين دول مجلس التعاون.
وحلت مملكة البحرين في المرتبة الثالثة خليجيّا باستقطابها 2915 مليون دولار بزيادة قدرها 177 في المئة. وكانت البحرين استقطبت استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 1049 مليون دولار في العام، تعتبر الزيادة المئوية الأفضل بين دول مجلس التعاون كافة.
يمكن ربط هذا الإنجاز المميز بعدة أمور، منها نجاح سياسات مجلس التنمية الاقتصادية في الترويج للبحرين على مستوى العالم، كما لا بد من الإشادة بدور وزارة الصناعة والتجارة في تسهيل إجراءات تسجيل الشركات التي بدورها ساهمت في استقطاب مستثمرين جدد.
مؤشر الأداء الاقتصادي
استنادا إلى التقرير, حلت البحرين في المرتبة رقم 11 في العالم (من بين 141 دولة شملها التقرير) في العام 2006 فيما يخص الجاذبية للاستثمارات الأجنبية المباشرة للفترة الماضية (أو مؤشر الأداء الاقتصادي).
وعلى هذا الأساس نجحت البحرين في التقدم 12 مرتبة في غضون سنة واحدة الأمر الذي يعد إنجازا يستحق التقدير. وتمكنت البحرين من تحسين ترتيبها على خلفية الإصلاحات الاقتصادية مثل السماح لثلاث شركات أجنبية بشراء ومن ثم إدارة محطة (الحد لإنتاج الكهرباء والماء). تعتبر نتيجة البحرين الأفضل بين دول مجلس التعاون كافة والدول العربية قاطبة. بمعنى آخر, تمتعت 10 دول في العالم بظروف اقتصادية أفضل لاستقطاب الاستثمارات.
مؤشر الإمكانات الاقتصادية
من جهة أخرى، جاءت البحرين في المرتبة رقم 32 من بين 141 دولة شملها التقرير على مؤشر الإنسان للأداء المحتمل لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
يستند هذا المؤشر إلى 12 متغيرا يتعلق بالأوضاع والسياسات الاقتصادية. يعتبر مؤشر الإمكانات الاقتصادية أكثر أهمية من مؤشر الأداء الاقتصادي لسبب جوهري وهو أن الأول يشير إلى المستقبل أما الثاني فإلى الماضي.
المؤكد أن هناك تقديرا عالميا متزايد فيما يخص الجاذبية الاستثمارية للبحرين الأمر الذي يعكس صواب بعض سياسات الإصلاحات الاقتصادية التي تنفذها الحكومة، على سبيل المثال نجحت البحرين في استقطاب 3 شركات عالمية لإدارة محطة الحد لإنتاج الكهرباء والماء. يشار إلى أن الحكومة قررت في إبريل/ نيسان من العام 2005 تحويل إدارة محطة الحد للقطاع الخاص، وفعلا تم إرساء عقد التشغيل في يناير/ كانون الثاني من العام 2006 على مجموعة تضم 3 شركات أجنبية، هي: «انترناشنال باور» من بريطانيا إذ تمتلك 40 في المئة وبدورها تقود المجموعة فضلا عن «سوميتومو» من اليابان و «سويز تركتيبل» من بلجيكا اللتين تمتلكان باقي الحصص بالتساوي (30 في المئة لكل منهما)، وقد وقعت الحكومة عقد شراء منتجات الكهرباء والماء لمدة 20 عاما. يذكر أن المجموعة مناط لها مسئولية تشغيل المحطة أما التوزيع فمن وظيفة الحكومة.
ماذا يريد المستثمر الأجنبي؟
بحسب منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ومقرها باريس, ليس كافيا أن تتم إزالة القيود عن الاستثمارات الأجنبية المباشرة حتى يتم جلبها إلى بلد ما نظرا إلى أن غالبية دول العالم قامت وتقوم بالخطوات المشابهة نفسها، وأكدت الدراسات أن المستثمرين الدوليين يرون أن هناك عوامل رئيسية تجذبهم للاستثمار في منطقة ما وتحديدا وجود البيئة التجارية وحجم السوق ونوعية البنية التحتية المتوافرة و إنتاجية العمالة.
ولاحظت الدراسات أن الأهمية النسبية لوجود حوافز مالية مثل الإعفاء الضريبي تأتي في أدنى سلم الأولويات بالنسبة إلى المستثمر الأجنبي، بل إن الإعفاء الضريبي قد تكون له انعكاسات سلبية وخسارة لخزانة الدولة لمصدر مالي حيوي.
ويتسع مفهوم السوق المحلية إلى إمكانية الدخول إلى الأسواق الإقليمية. ربما المطلوب من السلطات في البحرين الأخذ بمثال إمارة دبي في توفير فرص الوصول إلى أسواق المنطقة عن طريق ميناء راشد ومطار دبي ومنطقة جبل علي لتجميع السلع. كما بمقدور البحرين أن تستفيد من تجربة دبي في تطوير البنية التحتية مثل تنفيذ مشروع شبكة للقطارات داخل الإمارة فضلا عن إنشاء مطار جديد في منطقة جبل علي.
وكما أسلفنا تعمل مختلف دول العالم على تحسين بيئتها الاستثمارية شأنها في ذلك شأن البحرين.
الشيء المؤكد هو أن هناك تقديرا عالميا متزايدا لأهمية الاستثمارات الأجنبية المباشرة ومساهمتها في حل التحديات الاقتصادية المحلية مثل إيجاد الوظائف وتحسين الأجور.
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 1873 - الإثنين 22 أكتوبر 2007م الموافق 10 شوال 1428هـ