في ضوء متغيرات بدأت تعصف بالكثير من دول الخليج، خصوصا فيما يتعلق بالعمالة المهاجرة للخليج وحقوقهم في التجنيس، نشأت هواجس إجتماعية عدة وعلى الكثير من المستويات بشأن حقوق الشعوب الأصلية التي تكاد تنتهي أو تضمحل داخل هذا التكون الجديد للدول في الخليج.
بعض الدول الخليجية أعلنت بوضوح عن تحفظها في منح الجنسية للعمالة المهاجرة، خصوصا تلك الدول التي تعتبر منخفضة في كثافتها السكانية، البعض الآخر أكد بوضوح أن إعطاء الجنسية للعمالة الأجنبية يعني إنهاء حالة الدولة بخصائصها التاريخية والدخول في تَكون مختلف، سيحمل معه تبعات ومخاطر سياسية واجتماعية خطيرة.
وعلى الصعيد نفسه، أبدت الأوساط الإجتماعية في دول الخليج، وفي البحرين خصوصا قلقا أخر من سياسات التجنيس، معتبرين ذلك مشروعا لإعادة نشأة الدولة وتكونها. ومن هذين القلقين، يبدو الاحتكام لموضوعة حقوق الشعوب الأصلية ضرورة جديدة لا بد وأن يكون لها حضورها في مجمل العملية السياسية في البحرين، وفي دول الخليج أيضا.
تعرف المؤسسات الحقوقية والأممية وبما يشمل منظمة الأمم المتحدة الشعوب الأصلية أنها «تلك التي أقامت على الأرض قبل أن يتم السيطرة عليها بالقوة من قبل الاستعمار، ويعتبرون أنفسهم متميزين عن القطاعات الأخرى من المجتمعات السائدة الآن على تلك الأراضي».
وفقا لتقرير المُقرر الخاص للجنة حماية وتعزيز حقوق الإنسان فإن المجتمعات والشعوب والأمم الأصلية هي «تلك التي قد توافرت لها استمرارية تاريخية في مجتمعات تطورت على أراضيها قبل الغزو وقبل الاستعمار، تعتبر أنفسها متميزة عن القطاعات الأخرى من المجتمعات السائدة الآن في تلك الأراضي، أو في أجزاء منها، وهي تشكل في الوقت الحاضر قطاعات غير مهيمنة في المجتمع، وقد عقدت العزم على الحفاظ على أراضي أجدادها وهويتها الاثنية وعلى تنميتها وتوريثها للأجيال القادمة وذلك باعتبارهما أساس وجودها المستمر كشعوب، وفقا لأنماطها الثقافية ومؤسساتها الاجتماعية ونظمها الثقافية الخاصة بها» ( مارتينز كوبو - 1984).
وتشير معظم التقارير الصادرة عن المنظمات الحقوقية إلى أن هذه الشعوب باتت «لا تتمتع بشكل خاص على الصعيد العملي بالحد الأدنى من الحقوق. فإلى يومنا هذا، تواجه الشعوب الأصلية الكثير من المخاطر التي تهدد وجودها. وذلك كأثر لنهج وممارسات حكومية. وفي الكثير من البلدان فإن موقع الشعوب الأصلية على مؤشرات التنمية - كنسبة أبناء الشعوب الأصلية ضمن السجناء، ومعدل انتشار الأمية بينهم، ومعدل البطالة ... وغير ذلك من المؤشرات - تدل على مدى تدهور وضعيتهم قياسا على المجموعات الأخرى في الدول التي يعيشون فيها. ويقع أبناء الشعوب الأصلية ضحية للتمييز في المدارس والاستغلال في سوق العمل».
ويعد مشروع إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية (الاتفاق رقم 169 بشأن الشعوب الأصلية والقبلية في البلدان المستقلة - اعتمدها المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية في 27 يونيه/حزيران 1989، في دورته السادسة والسبعين) أهم الوثائق الدولية التي تعرضت لموضوعة حقوق الشعوب الأصلية في فترات ما بعد الاستقلال. وللحديث تتمة.
إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"العدد 1872 - الأحد 21 أكتوبر 2007م الموافق 09 شوال 1428هـ