انتهت حديثا الإعلانات المتتالية الساردة لأسماء الفائزين الجدد والمستحقين لجوائز نوبل العالمية في مختلف المجالات، وهي الجوائز الأشهر دوليا على الإطلاق، والتي تمنح للعلماء والمبدعين ودعاة السلام في مختلف المجالات بتنوع مشاربها، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على عظم هذا الاحتفاء التاريخي العالمي بكل من قدم خيرا وإضافة نوعية إيجابية في خدمة الكون والبشرية، وهي سنة ودأب نهض به الكثير من المصلحين والمحسنين وتباهى به جمع لا حصر له من القادة والوجهاء والأرستقراطيين في حفلات باذخة من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب!
وربما القدر ذاته والقيمة المعادلة لها، أوحتى بما هو أوفى وأعظم منها يتم الاحتفاء علنا وعلى الملأ بـ «المطبلين» و«المطبلات» في بلادنا من أعلى المستويات حتى أدناها، فيكونوا مثقال كل شيء، ويولون أمور الجميع لتوجه حسبما يراد لها، الأمر الذي يرشدنا إلى أننا نعيش في العصر الذهبي لـ «المطبلين» و«المطبلات» وربما لجميع «الإمخديين» في البحرين بامتياز عسى أن تحتفل وتبتهج كل «امخدية» بـ «امخديها» أكان ابنا أو زوجا أو أخا أو أبا لها، ولتعتني به جيدا، وتتبارك به عسى أن يكبر فيصبح «ناشطا سياسيا» أو محررا للشيكات السياسية من دون أية أرصدة وطنية، أو شيخا جليلا ورئيسا لمجمع شئون البحوث الشرعية والإفتاء لإحدى تيارات «الغونغو»!
ولعل ما أود أن أثيره في هذا الموضوع هو شديد اعتذاري لمن يحترفون ويمتهنون قرع الطبول بمختلف أنواعها في مختلف المناسبات، فأولئك «الطبالون» و«الطبالات» هم أصحاب موهبة وذوق وفن وإبداع ومهنة يكسبون ويحصدون بها رزقهم حلالا كان أم حراما، وذلك على العكس من أصحابنا «المطبلين» المبتذلين في حبالهم وحبائلهم التي يعوزها الفن والذوق والإبداع، فهم الذين جاء عصرهم الذهبي في بلادنا في ظل غياب المعايير المرجعية القيمية والأخلاقية واضمحلال أبسط المحددات الشكلية لمن يستحق ومن لا يستحق ما يطلق عليه من تشريفات ونعوت.
فعلى رغم من الكم الكبير من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية والأقوال المأثورة التي تتحدث عن المنافقين والمتزلفين والمداهنين وتحذر من خطرهم ووبالهم، وعلى رغم من حجم البلاء التاريخي التي تسببت به تلك الفئات والأصناف الارتزاقية والطفيلية على أمم عظمى، ومع بريق تلك المقولة الرائعة والخالدة «صديقك هو من صدقك» إلا أنه ومع موجة التضخم ترتفع جميع أسعار السلع ومنهم «المطبلين» و«الإمخديين» في حين تظل قيمة المواطن الصالح والمغلوب على أمره ثابتة بلا حراك أيا كان حجمها ومكانتها!
فمن أجل تمكين «المطبلين» و«المطبلات» من الأحباب أبناء الأحباب يتم نبش القبور واستحداث رزمة من الحبال والمصائد والمكائد القانونية والحقوقية التي تضمن لهم أقصى درجات الحماية والستر من الانفضاح والانكشاف، على رغم أن جميع عوراتهم السياسية والأخلاقية قد أضحت ضمن المرافق العامة للدولة، فبات من الأنسب أن تظل تحت مسئولية ومتابعة البلديات أو الأشغال من مسئوليتهم الشخصية!
وأمام فائض الدلال والحماية والستر غير المستور الذي يحظى به «المطبلون» أو «قارعو طبول النفاق» يظل «قارعو الأجراس» والجنود المجهولون المحاربون للفساد من دون ستر، فعاشت حظوظ «قارعي الطبول» وخاب سعي «قارعي الأجراس» في بلد الحرية والشفافية والمساواة!
بالله عليكم، وبحق كل مواطن صالح وكل دجاجة ماجدة وكل مقصف وطني شريف، ما الذي أنجزه وحققه البعض من خدمات للوطن والمواطنين ولوحدتهم وتآلفهم معا حتى ينصب الحب لهم ؟!
وربما من الأفضل أن يكون السؤال عن ما أحرزه هذا البعض المتورط أصلا من شهادات مدرسية ابتدائية قبل توافر نصاب معقول من العلم وأصول الدراية الشرعية؟!
وربما عن ما أحرزه من شهادات حسن سيرة وسلوك دراسيا ومهنيا؟!
وهذا البعض القابل للتسليع والتشيئة ربما مازال غير موفق ألبتة في دحض ما عليه وما يثار حوله من جدل سوابق، وما يرفع ضده وما لم ولن يرفع من قضايا في أروقة المحاكم ما يفتت حصانة مئة نائب!
فحلال عليه أن يسخو ويجود جنونيا بمال غيره الممنوح له وقفا لمناصريه ومؤيديه والمسبحين بحمده من خدمات تتداخل فيها الاختصاصات كافة، وذلك فيما قد يفوق إنفاق إدارة رسمية في حد ذاتها، أو ربما وزارة حيوية من دون أن تعطس بعدها عطسة رقابية أو تدقيقية!
وإن كان هذا البعض المتورط «يلقب» نصيرا للمرأة، فمن هو عدوها إذا؟!
ألم يتم دعمه من أعلى المستويات ضد وجهين نسائيين لامعين، وإقحامه في منافسة أو بالأحرى «مرافسة» انتخابية من قبله وقبل أنصاره وأنصار «الحق» ضدهما، ناهيك عن ما نرتقي عن ذكره والخوض فيه؟!
من الطبيعي جدا أن ينزعج مفتعلو الإثارة والتشويش النيابي المعتادون ومنهم صاحبنا، ومن الطبيعي أن تتوالى البيانات «الصحافجية» المدفوعة الأجر قبل أن يجف عرق وخزي مساومات وصفقات أعمدة السوق السوداء للصحافة من أمثال عصابة «شكوكو»، وأن ينزعجوا جميعا من ظهور نائب مغوار ومناضل لطالما عرف بشرفه ونزاهته الوطنية وصراحته ليصارح جميع من يمثله دستوريا من مواطنين بأن السلطة التشريعية بما تحوزه من سلطات وصلاحيات محدودة عاجزة عن التصدي للفساد!
فمثل ذلك الانزعاج والتوتر ينقض معنويا وشكليا الوجود الذي يمثله «المطبلون» وأشباههم في البرلمان ممن يعمل وجودهم التمثيلي على اتباع منهاج الإثارة والتشويش في أوقات معينة، وحسب الأوامر لممارسة التغطية والتضليل لأبناء الشعب بشأن تناول قضايا الفساد والقضايا الكبرى المصيرية التي تهم جميع المواطنين.
إن ما لا يدركه البعض هو أن أية سلطة تشريعية تحترم كلمتها وناخبيها هي التي تصارحهم أولا بأول وتؤقلمهم مع الواقع، وتراعي حجم تطلعاتهم وآمالهم، فما بالك بمن لا يحترم نفسه أصلا من «المطبلين» وأزلامهم وأشباههم، ويريد أن يحتكر لقب «طرزان البرلمان» لوحده من دون «الصارم البتار» الذي استعصى عليه قطع بصلة فاسدة!
وإن كان هدف شيخ «المطبلين» في البرلمان هو إثارة البلبلة والتضليل والحيلولة دون حدوث إجماع وطني إلا إذا ما أريد ذلك، فمن الطبيعي أن يكون ضد تلك التوفيقات والوساطات التي من الممكن أن ترأب بعضا من الصدع أو تحدث فجوة غير مرغوب بها في الجدران!
ومجرد طلب التزام العقلانية و«الركادة» من هؤلاء هو مثل طلب تعطيل كامل وظائفهم الفسيولوجية وحواسهم العصبية! إنه يأتي أصلا ضد مضمون وجودهم الحيوي والتمثيلي؟! وهو يعني «موتوا بغيظكم واحترقوا في البرلمان يرحمكم الله»!
فعلام إذا يتمسك بمن كان دأبه ودوره الحيوي في البرلمان هو إثارة الطائفية ومعاداة تمكين المرأة وحماية الفساد والمفسدين، وإفساد الوساطات والتوفيقات والإجماعات الوطنية وكل ما من شأنه أن يحقق نصرة ومكسبا للشعب، وإن كانت الأخيرة مجرد نوايا تم إعلانها؟!
وعلام يتم توليتهم على الجميع وجعلهم فوق القانون أو بالأحرى فوق الجميع؟!
ألا يدرك من يهمه الأمر بأن مواصلة اتباع سياسة «الحقران يقطع المصران» تجاه المجتمع أمر لا ينفع ألبتة، وخصوصا إن كان الجميع باختلاف مواقعهم ومراكزهم أعضاء وظيفية وحيوية في جسد واحد تنتابه الحمى والرعشات؟!
ألم تنتهِ تلك القيمة الشرائية بعد لشيخ الفتن مع موجة التضخم الأخيرة بوصفه عملة لشراء المصائب والأزمات، أم أن سعره قد ارتفع وتضاعف لكونه أقرب أن يكون إلى دور السلعة التمثيلية من دور العملة الشارية للمصائب والأزمات ؟!
هل يشرف «المطبلون» أية طائفة وفئة كريمة أصلا، وهم الذين ملأوا بلادنا بأشباه مساجد ضرار، وكللوا أمثال ابن سلول فوق المنابر؟! أم أنه ينبغي على الجميع التبرؤ والتعوذ منهم؟!
غفر الله لمن تحسر وقال ذات يوم: «لو وجدنا (.....) أو مطبلا خيرا منه لدعمناه وأنفقنا عليه أموالا طائلة»!
وبالنسبة لي أعلن كامل استعدادي للتضامن الحقوقي والفدائي مع شيخ «المطبلات» و«المطبلين» وأضحية «الفتنة» و«المفتنين» إذا ما تجرأ يوما وأقر وأعلن في مؤتمر صحافي أو مجلسي أمام الملأ بأنه كان ولا يزال ضحية للاستغلال والاتجار بالبشر في بلادنا، عسى ينهض من حالته المثيرة للشفقة والتقزز ويعود إلى دينه قبل دنياه، والله على ما أقول شهيد!
اللهم اجعل هذا البلد آمنا من شرور «المطبلين» و«المطبلات»، وارزق أهله من غفير الود والتراحم ثمرات....آمين
إقرأ أيضا لـ "خالد المطوع"العدد 1872 - الأحد 21 أكتوبر 2007م الموافق 09 شوال 1428هـ