العدد 2274 - الأربعاء 26 نوفمبر 2008م الموافق 27 ذي القعدة 1429هـ

خمدن يخرج الكلمة من حدود الورق والحبر

يبدو أن لوحات الحروفيات بما تحملها من إيحاء كلاسيكي أضافت عليه الموجات العارمة التي اجتاحت الفنون التشكيلية من حداثة وتطوير لنمط الخط المقدم لم يكن ليقف حاجزا أمام آليات الفكر، التي تبحث لنفسها دوما عن أبواب جديدة تقتحمها عنوة، لتفجر ما خلفها من مفاجآت أمام أعين جمهور يبحث دوما عما هو جديد وجميل.

هذا ما كان للحضور والمشاهدين لدى افتتاح معرض الخطاط والفنان التشكيلي المتميز عبدالشهيد خمدن، الذي قرر في ذاك اليوم أن يفتح على نفسه وعلى جماهيره بابا آخر، وظف فيه الخط وفن النحت، ليقدم مجموعة أعمال خطية مجسمة من مادة الستانلس ستيل، أبرزت براعة هذا الفنان في تكوين وإخراج الكلمة خارج الحبر والقلم.

حدثنا خمدن عن تجربته بالقول: «هذا المعرض يعد بالنسبة إلي تجربة مغايرة عن التجارب السابقة، بإدخالي خامة الستانلس ستيل، التي أقدمها في هذا المعرض المجزأ إلى جزأين، حيث فيه مجموعة من الحروفيات بنحو 19 عملا، كلها منفذة على ورق الكارتون بألوان الإكريليك، ويحمل موضوع المعرض مسمى حلية الواو، التي أركز عليها كي تصبح مرتكزا نطلق منه هذا المعرض».

وأضاف خمدن عن حرف الواو «طبعا حرف الواو عموما من مفردات الحروف العربية، وله حلية وجمالية، وله إيقاع موسيقي وشكل هندسي روحاني وزخرفي، قدمته من خلال توظيفي للخط الكوفي، فلو أخذنا هذا الحرف بنظرة متفحصة، سنجده يتشكل من الدائرة والهلال أو نصف الدائرة، ومن هنا ركزت في جزء الحروفيات على الجمالية الهندسية المتعمقة في الحرف العربي، وخصوصا حرف الواو، الذي استخلصت منه مجموعتي، وكان الحرف مطاوعا للخروج بـ 19 عملا مختلف».

ويجد الفنان خمدن أن الواو، لها كثير من المعاني فالواو «واو الوصل، وواو الجماعة، ولها الكثير من المعاني الأخرى لغويّا ونفسيّا، لكن المعنى هو واو الوصل الذي كان أشد وقعا في نفسي، فهو وصل بين الأحبة والأصدقاء، ووظفت له الخط الكوفي، مكملا إياه بالخط الديواني المتداخل معه، والمكمل له في شكل جميل، إذ الخطوط عموما مطاوعة ولينة وسهلة التآلف فيما بينها، ويمكن تشكيلها بأي شكل تريده».

أما عن الجزء الثاني الذي أبهر به الجمهور، والذي كان الإضافة والختم الفني الذي استخدمه عبدالشهيد خمدن في تاريخ فنه فقد ذكر أنها «التجربة التي أقوم بها لأول مرة بدخولي في المنحوتات أو النحت، وأتحدث عن المنحوتات حينما أكون موظفا خامة كالستانلس ستيل، التي هي نوع من المعادن أو الصفائح المعدنية، فهي بالنسبة إلي تجربة جديدة، قدمتها من خلال أعمال منفذة بأسماء الله الحسنى، وهي تجربة أحببت أن أدخلها وأكتشف هذه الخامة، اقتحمت هذه الخامة في محاولة لأن أبرز من خلالها الحرف أو الخط العربي».

الفنان قدم في هذه التجربة 6 أعمال من بين مجموعة تتكون من 9 أعمال، قدمها في معرضه الذي افتتح في بيت القرآن الأسبوع الماضي، وقد وجد في ذلك الأهمية من خلال تعبيره الذي ذكر فيه «أمر مهم أن يحاول الفنان توظيف واكتشاف خامات لتنويع أعماله وإثراء معرضه، بالنسبة إلى الحروفية هناك توجه لإبراز جماليات هذا الحرف، وكوني خطاطا ملتزما بأصول وقواعد الخطب، فإنني أسعى كغيري من الخطاطين للتوجه نحو إيجاد مجالات لتوظيف أعمالهم بأشكال جديدة، كما يقوم البعض بتوظيف أعمالهم في لوحات تشكيلية».

وذكر عبدالشهيد خمدن عن تجربته أنها باتت في ذهنه نحو عامين، وأحب أن يدخل في مجالات ثانية لتنويع معارضه المقبلة، ولتجنب التركيز على الأعمال المقدمة على الكانفيس أو الورق، في محاولة لاكتشاف خامات جديدة أخرى لإثراء تجاربه المقبلة.

عبدالشهيد قال: إن «العمل والخامة نفذتها على أساس وضع التكوين، وصنع القالب والشكل المجسم على الفلين، ثم قام أحد المصانع بدوره في تنفيذ هذه الأعمال على المعدن، لكنني أحتفظ بكون الأعمال خارجة من تصميمي وعبر رؤيتي للموضوع».

وبدوره كان بحثه عن خامة الستانلس ستيل أمرا متفردا وجديدا بخلاف المعتاد ما وجده الفنان في ختام الحديث أنه «محاولة مني لأختبر مدى نجاح هذه التجربة وردود أفعال الجمهور والمتذوقين الذين لديهم اهتمامات في هذا المجال، فالكثير قدموا أعمال بخامات كالخشب والحديد والبرونز، وكانت لي هذه التجربة التي أتمنى من الله أن يوفقني فيها، وأنا من خلالها أتطلع إلى الأفضل والأحسن، ولأقدم إلى الجمهور ما يرجوه مني»

العدد 2274 - الأربعاء 26 نوفمبر 2008م الموافق 27 ذي القعدة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً