برافو! برافو عليش يا مديرة مدرسة مدينة عيسى الثانوية للبنات! برافو عليش هذا الإخلاص والتفاني في الحرص على العملة الوطنية، والغيرة على الاقتصاد الوطني برافو برافو برافو إلى أن ينقطع النفس! ولكم يجود الزمان بمثلكِ مربية فاضلة!

بذلتِ جهدا لا يستهان به في الكشف عن مخططات المخربين الذين كانوا ينوون هدّ بنيان الاقتصاد بعملات بديلة استوردوها من الخارج، بذلتِ ما في وسعكِ لدكّ حصون أولئك العابثين بالعملة الوطنية الرسمية، ولكن ألا تعتقدين سيدتي المربية أنكِ كنتِ رءوفة عطوفة بعض الشيء معهم؟ إذ ما كان يجب عليكِ تسليم الطالبة ذات التسعة عشر ربيعا إلى التحقيقات الجنائية فقط، بل كان الأجدر بكِ تعليقها على صليب في إحدى ساحات المدرسة نهارا جهارا، حتى تكون عبرة لمن لم يعتبر، ولمن تسوّل له نفسه العبث بعملة مملكة البحرين، حتى إن كانت العملة المضبوطة يعرف حتى الأعمى أنها غير حقيقية، وأنها مجرد للعب واللهو، وأن عملة الموني بولي أقرب إلى الحقيقة منها!

درسُكِ الفريدُ لم يكن في الرأفة والعطف والرحمة فحسب، بل كان درسا رائعا في التربية أيضا أيتها المربية الفاضلة، وكان لزاما على وزارة التربية والتعليم أن تبني لكِ تمثالا عظيما أمام مدخل وزارتها منذ اليوم الذي دخلتْ فيه طالبتكِ إلى التوقيف في الحوض الجاف، بل يجب النقش على جوانب تمثالكِ قصتكِ مع هذه الطالبة التي ضبطتِ في جيبها بعضا من الأوراق التي حتى لا تشبه العشرين دينارا ولا هم يحزنون! بل كان مكتوبا في قلبها «ليس له اعتبار»!

كل الرجاء أن تتواصل مساعيكِ الحميدة هذه يا فخرَ المديرين والمديرات، ويا قدوةَ المربين والمربيات، وألا تتقهقر هذه الجهود عندما تضبطين معلمة فاضلة مثلكِ توزع كتيبات على الطالبات تسب وتشتم فئة كبيرة من المواطنين، وتأخذي تلك المعلمة بيدكِ البيضاء الكريمة مع كتيباتها السوداء البغيضة إلى أقرب مخفر للشرطة، أو تتصلي على الرقم نفسه الذي اتصلتِ به للقبض على الطالبة «المزوِّرة» نعم «المزوِّرة» ولكن في نظر العميان الذين رزقهم الله أعينا لا يبصرون بها إلا سواد قلوبهم، وتفاهة عقولهم، وما عدا ذلك فهم عنه عمون!

وأخيرا همسة في أذن مربيتنا الفاضلة سيدة المديرات، وعمدة المربيات: أيتها العقيد من دون نجوم ولا تاج، وأيتها المسئولة عن قسم مكافحة الجرائم الاقتصادية بالوكالة تعلمين كل العلم أن بعضا من المقررات الدراسية التي تُدَرَّس في مدرستكِ فيها صور لبعض العملات وهي تشبه العملة الحقيقية أكثر من الورقة التي قمتِ بضبطها في يد طالبتكِ الموقوفة خلف قضبان حوض الجاف، فما رأيكِ في أن تطوري غيرتكِ على اقتصاد الوطن، وتستأجري حافلة وتركنيها إلى جنب مبنى وزارة «التربية» وتأخذي فيها أساتذة المناهج، وفي مقدمتهم وزير «التربية» الذي سمح بهذه المهزلة على صفحات مقررات وزارته، وتقودي الحافلة أنتِ بيديكِ الكريمتين وتنطلقي بهم جميعا نحو مقر التحقيقات الجنائية؟ ما رأيكِ؟

وهمسة أخرى أيضا: هل تعلمين أن النيابة العامة أفرجت أمس عن الطالبة، التي تسببت بحبسها؟ وتم إغلاق الملف نهائيا؛ بسبب عدم وجود قضية من الأساس! ما رأيكِ في أن ترفعي دعوى على النيابة العامة لأنها داست بأقدامها على أوهامكِ التي لا تتوهم بها حتى فرّاشة متواضعة، أيتها المديرة المحترمة؟