لا نحتاج إلى أن نلمع واقعنا بكثير من الرتوش والماكياج المبتذل للخروج بتقارير مغايرة لواقع المواطن البحريني لاسيما الشريحة الدنيا التي لا تجد أحدا « يطبطب» عليها أو يزيل عن ظهرها هموم ومشكلات الواقع الذي تعيشه بحسرة في بلد يفترض أنه على قائمة الدول النفطية الغنية.

التقارير الإعلامية التي خرجت منذ أيام إلى العالم متزامنة مع اليوم العالمي لمكافحة الفقر، هي دليل آخر على مدى استخفاف بعض الجهات بهذه المشكلة التي نراها في مناطق عدّة من بلادنا. صحيح انه ليس لدينا فقر مدقع، ولكن لدينا فقر نسبي، أي انه دون مستوى المعيشة ودون مستوى العدالة الاجتماعية. يبقى أن إخفاء الحقيقة هو أمر لن يغير من الواقع شيئا سوى أنه سيغيب امكانات الحل للمشكلة، وربما يهز الثقة بشأن التوجه لإحداث توزيع عادل للثروات بين عموم شعب البحرين بمختلف فئاته.

لقد سئم المواطن تكرار بعض الجمل التي تنفي وجود مشكلة الفقر وهو ينتظر حلولا منصفة لهذا الواقع الذي تحاول بعض الجهات الرسمية إخفاءه من خلال طرح مقارنات غير عادلة. فالمفترض ان نقارن أنفسنا بالدول التي تمتلك ثروات مشابهة وخصوصا أننا دولة خليجية، ولسنا فقط دولة عربية، فالأخيرة أوضاعها مزمنة في مهب الريح، ولا نريد منها نموذجا يحتذى به في البحرين بل نريد مستوى المعيشة الموجود في الإمارات وقطر والكويت.

منذ أشهر قليلة قامت القيامة على تقرير بثته شبكة «سي ان ان» الأميركية عن حال الطبقة الدنيا في البحرين، وكيف أنه وُصِفَ بسمات الطائفية والتحيز وغيرهما من الأوصاف التي سطرتها الأقلام في الصحافة المحلية... فهذا التقرير الذي ربما احتوى بعض المبالغة، الا انه ليس بعيدا عن واقع يشمل مختلف فئات البحرين، وهو واقع أنتجته سياسة التلميع وإخفاء الحقيقة التي تطرح دائما بأننا لم نصل إلى مرحلة الفقر المدقع والمجاعة.

إننا لانتحدث عن الفقر المدقع، ولسنا بحاجة الى تقارير تتحدث لنا عن هذا الموضوع. إننالسنا بحاجة الى ذكر إنجازات لم تحقق تغييرا جذريا ولا أثرا ملموسا وواسعا داخل المجتمع، وخصوصا اذا كانت هذه الانجازات غير مدعمة بمعلومات موثقة.