بلغت المعاهدة الدولية لحماية طبقة الأوزون عامها العشرين هذه السنة ومازالت تدّعي النجاح. ولكن هل هنالك فعلا سبب للاحتفال؟
لقد قدم مناصرو البيئة تنبؤات رؤية كثيرة على مدى العقود الماضية وعندما لم تحدث هذه التنبؤات صرحوا بأن إجراءاتهم الوقائية قد حالت دون وقوع الكارثة، مثلما حدث مع بروتوكول مونتريال للعام 1987 بشأن المواد المستنفدة لطبقة الأوزون (بروتوكل مونتريال). فالتنبؤات الكثيرة المرعبة والرهيبة بالإصابة بأوبئة سرطان الجلد وتدمير النظام البيئي وغيرها لم تتحقق. وبالنسبة إلى مؤيدي بروتوكول مونتريال، يعد هذا سببا لتهنئة الذات.
ولكن بالنظر إلى ما مضى، يظهر الدليل أن استنزاف طبقة الأوزون كان تهديدا مبالغا فيه في المقام الأول وأن سلسلة المصائب الفظيعة لم تكن فعلا في الصورة أبدا. وبينما عاد أطراف المعاهدة إلى مونتريال للاحتفال بذكراها العشرين، وجب أن يكون هذا سببا للتأمل وليس للاحتفال، ولاسيما لأولئك الذين يرون الأمر قصة نجاح تتكرر بالنسبة إلى التغير المناخي.
وقد تمت المعاهدة في ضوء قلق مشروع ومبالغ فيه، مصرحة بأن مركبات الكلوروفلوروكربون (التي كانت آنذاك غازا يستخدم على نطاق واسع) ومركبات أخرى آخذة بالارتفاع إلى الغلاف الجوي العلوي (ستراتوسفير) وتدمير جزيئات الأوزون. وتعرّف هذه الجزيئات ككل بـ «طبقة الأوزون». وهذه الجزيئات تقي الأرض من الأشعة فوق البنفسجية الفائقة التي تأتي من إشعاعات الشمس. وأدى بروتوكول مونتريال إلى حظر استخدام مركبات الكلوروفلوروكربون في معظم الدول المتقدمة بحلول 1996، على حين أُعطيت البلدان النامية تمديدا ولكنها تتعرض لضغوط لتقليص استخدامها.
إذا ما الذي نعرفه الآن؟ قال تقرير للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية للعام 1998 إن «مسار (الاستنزاف) الأفقي الذي تمت ملاحظته خلال الثمانينات من القرن العشرين لم يعد مستمرا منذ العام 1991، ولكن إجمالي الأوزون العمودي كان ثابتا تقريبا...»، وكان الوقت مبكرا جدا لعزو هذا إلى بروتوكول مونتريال؛ إذ أشار ذلك التقرير ذاته إلى أن التركيزات الستراتوسفيرية للمركبات المضرة كانت لاتزال تتزايد في وقت كتابة التقرير. وفي الواقع، لم تبدأ الانحسار حتى نهاية التسعينات من القرن العشرين. وهذا يصدق على وجهة النظر، التي تعرضت لسخرية واسعة في وقت بروتوكول مونتريال، والقائلة إن الانحرافات الطبيعية تفسر التذبذبات الحاصلة في طبقة الأوزون العالمية أكثر من استخدام الكلوروفلوروكربون.
والأهم من ذلك أن الزيادة واسعة الانتشار - التي أثارت المخاوف - في إشعاع الأشعة فوق البنفسجية على مستوى الأرض لم تتحقق أيضا. ويجب الأخذ في الاعتبار أن استنزاف الأوزون بحد ذاته لا يتسبب بعواقب على صحة الإنسان أو البيئة. ولكن القلق من أن طبقة الأوزون المتآكلة ستسمح لمزيد من إشعاعات الأشعة تحت البنفسجية المنبعثة من الشمس والمدمرة بالوصول إلى الأرض، هو الذي أدى إلى نشوء بروتوكول مونتريال.
ولكن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية تقر بأنه لم يتم اكتشاف أي اتجاهات طويلة الأمد مهمة من ناحية إحصائية، مشيرة مطلع هذا العام إلى أن «استنزاف الأوزون خارج المناطق القطبية كان ضئيلا نسبيا؛ لذلك في كثير من الأماكن، يصعب فصل الزيادات في الأشعة فوق البنفسجية الناتجة من هذا الاستنزاف عن الزيادات التي تسببها عواملُ أخرى، مثل التغيرات في الغيوم والهباء الجوي».
وبكلمات أخرى، إن تأثير استنزاف الاوزون على الأشعة فوق البنفسجية فوق المناطق المأهولة بالسكان يكون ضئيلا جدا بحيث يمكن أن يضيع بسهولة وسط ضجيج تغير الخلفية.
ولا حاجة إلى القول إنه إن لم ترتفع الأشعة فوق البنفسجية، فعندها يكون لا أساس للمخاوف. وفعلا لم يحصل التسارع المفرط في معدلات سرطان الجلد. على سبيل المثال، تُظهِر إحصاءات معهد السرطان الوطني الأميركي أن حالات الورم الجلدي الخبيث ومعدلات الوفاة - التي أظهرت زيادة طويلة الأجل سبقت تأريخ استنزاف الأوزون - كانت آخذة بالاستقرار فعلا خلال فترة أزمة الأوزون المزعومة.
وبالإضافة إلى ذلك، لم يُظهر أي نظام بيئي أو كائن حي قط التعرض لأي ضرر خطير بسبب استنزاف الأوزون. ويعد هذا الأمر صحيحا حتى في القارة القطبية الجنوبية، حيث تحصل في كل عام أعظم استنزافات موسمية للأوزون، والتي تسمى «ثقب الأوزون فوق القارة القطبية الجنوبية». كما ثمة قائمة طويلة جدا من الادعاءات المنسية، مثل ذلك الادعاء من كتاب آل غور في العام 1992 «إنه بفضل ثقب الأوزون فوق القارة القطبية الجنوبية يُبلِّغ الصيادون عن العثور على أرانبَ عمياءَ؛ ويصيد الصيادون سمك سلمون أعمى».
ولم يساعد بروتوكول مونتريال على التخلص من هذه المشكلات، فهي لم تحدث في المقام الأول!
إن المتوازيات مع التغير المناخي مذهلة. ومجددا، نحن نواجه مشكلة بيئية حقيقية - ولكنْ - مبالغا فيها. وفي كلتا الحالتين، إن كل شيء مروع كان قد قيل للناس ليس صحيحا فعليا. حتى آل غور غيّر الكثير؛ إذ إن ادعاءاته المتعلقة بالحيوانات العمياء قد استبدلت بتأكيدات مريبة مكافئة لتلك الادعاءات في فيلمه عن الاحتباس الحراري، الذي يشمل تنبؤات بحصول ارتفاع هائل في مستوى البحر من شأنه أن يمحو جنوب فلوريدا ومناطقَ ساحلية أخرى.
ربما يلتقي - بعد عقود من الآن - المشاركون في بروتوكول كيوتو (المعاهدة المتعلقة بالتغير المناخي التي تم صوغها بعد بروتوكول مونتريال)، ويهنئون أنفسهم؛ لأن أيا من تأكيداتهم المخيفة لم تتحقق. ولكن كم سيُنفَق في سبيل حمايتنا من المشكلات التي لا نعانيها في المقام الأول؟
*كبير محللي سياسات الطاقة والبيئة في مؤسسة هيريتغ في واشنطن العاصمة، والمقال ينشر بالتعاون مع «مصباح الحرية»
www.misbahalhurriyya.org
إقرأ أيضا لـ "مصباح الحرية"العدد 1870 - الجمعة 19 أكتوبر 2007م الموافق 07 شوال 1428هـ