العدد 1868 - الأربعاء 17 أكتوبر 2007م الموافق 05 شوال 1428هـ

الثقافة وصناعة الكذب

عادل مرزوق Adel.Marzooq [at] alwasatnews.com

-

يقول المؤرخ العربي أبن خلدون - «ولما كان الكذب متطرقا للخبر بطبيعته وله أسباب تقتضيه. فمنها التشيعات للأراء والمذاهب، فإن النفس إذا كانت على حال الاعتدال في قبول الخبر أعطته حقه من التمحيص والنظر حتى تتبين صدقه من كذبه، وإذا خامرها تشيع لرأي أو نحلة قبلت ما يوافقها من الأخبار لأول وهلة، وكان ذلك الميل والتشيع غطاء على عين بصيرتها عن الانتقاد والتمحيص، فتقع في قبول الكذب ونقله (...) ومنها تقرب الناس في الأكثر لأصحاب التجلة والمراتب بالثناء والمدح وتحسين الأحوال وإشاعة الذكر بذلك، فتستفيض الأخبار بها على غير حقيقة، فالنفوس مولعة بحب الثناء، والناس متطلعون إلى الدنيا وأسبابها من جاه أو ثروة، وليسوا في الأكثر براغبين في الفضائل ولا متنافسين في أهلها».

يضع بن خلدون مفهومه للخبر/الشائعة/ الرأي المتحزب في سياق مفهومي مختلط لا تفصله أو تحدد ماهيته سوى تطلعات المتلقي وأغراض توظيفه للخبر أو الشائعة. وتبدو صناعة ما وراء «النص» من معنى وفهم وتمثل على أرض الواقع وفق الرؤية الخلدونية، مستوحاة بالضرورة في ضوء التشكل الزمكاني للمتلقي. وهنا، لا يصنع النص/الخبر مفهومه أو معناه، بالقدر الذي يساعد فيه المتلقي على صناعة فهمه الخاص/ معناه الخاص/ الحوادث الإجرائية الخاصة التي يتجه لخلقها.

الذي لا بد وأن يكون واضحا وجليا، هو أن عملية صناعة الكذب الإجتماعي لا تقتصر على الأداة الإعلامية، بل هي صنيعة إجتماعية متكاملة. فالجمهور الذي قد يبدو للوهلة الاولى مجرد طرف مستقبل لمنتوج عملية النشر هو في الحقيقة شريك مهم وفاعل في صناعة الخبر/ الشائعة، وهو مسئول عن أي أثار إجتماعية او ثقافية قد تتبع هذا المنتوج.

هذه المقدمة الطويلة نسبيا، هي مقدمة لإقرار بسيط وهو: إن إنتاج المواد الإعلامية عن المنتوج الثقافي في البحرين هي عملية مجردة، لا معنى لها، إن لم يكن الجمهور قادرا على فهمها ما إذا كانت أخبارا ثقافية حقيقية، أو مجرد شائعات ثقافة فقط.

إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"

العدد 1868 - الأربعاء 17 أكتوبر 2007م الموافق 05 شوال 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً