تهب رياح التغيير على السينما في أميركا اللاتينية في الوقت الحالي، فتشهد طفرة غير مسبوقة، وذلك من خلال سينما الشباب التي أصبحت تسيطر على الحركة السينمائية في الكثير من الدول اللاتينية. هناك الكثير من القصص التي تتعرض للحياة العائلية وغيرها من الموضوعات، كما أن هناك مزجا بين الأنواع الفنية. وبهذا الشكل تهرب السينما اللاتينية من محاولة تصنيفها على المستويين الجغرافي والجيلي، فالحيوية التي تتمتع بها تشهد بأنها تمر بلحظات فاصلة ومجددة في تاريخها الفني.
وفي هذا الشأن تشير منسقة برنامج عرض أفلام أميركا اللاتينية في مدريد تيريسا توليدو «أصبح من العسير أخيرا الحديث عن حركات مجددة بعينها، وذلك بعد السينما الجديدة في البرازيل التي ظهرت في الستينات، والسينما الأرجنتينية في التسعينات. الآن كل فيلم يمثل عالما مستقلا وفريدا، والأفلام الحالية تعكس واقع السينما الحالية في الدول اللاتينية».
وتقدم الممثلة والمخرجة الأرجنتينية آنا كاتز (مولودة في بوينس آيرس العام 1975)، والتي أخرجت فيلم «الخطيبة الهاربة»، وهو فيلمها الطويل الثاني، الذي قدمته في مهرجان كان الماضي، والذي يخرج بالمثل عن دائرة التعميم، فيبدو فيلما غارقا في الخصوصية. وتشير كاتز في مكالمة هاتفية من بوينس آيرس «إنني أؤمن بالفن السينمائي والفنانين، إلا أنني لا أعتقد في فكرة (الموضات السينمائية)».
وقامت كاتز بتمثيل وإخراج الفيلم الذي يتعرض لقصة حب عنيفة تصل لأن يتصل المحب بحبيبته عشر مرات في الدقيقة في إيقاع متسارع يجعل الحدث يصل إلى قمة ذروته الفنية.
وقد تلقت كاتز دروسها الأولى في التمثيل وهي في السادسة من عمرها، وتعد الآن لفيلم ثان بعنوان»الحياة الكريمة».
ويعرض على هامش المهرجان فيلم «جفون زرقاء»، وهو كوميديا سوداء تعرض لقصة رجل وامرأة غارقان في الوحدة ويخرجه إرنستو كونتريراس (مولود في المكسيك العام 1969)، والتي عرضت في مهرجان كان السابق، ويقر كونتريراس بلحظة الانتعاش الذي تشهدها السينما في بلاده في الوقت الحالي. ولا شك في أن الانتعاش الذي تشهده السينما في المكسيك ممتد في جميع الدول اللاتينية الأخرى مثل كولومبيا والإكوادور.
ويذكر أن الانتعاش الاقتصادي الذي شهدته هذه البلاد قد أدى إلى إحداث نهضة في قطاع السينما في السنوات الأخيرة والتي أعقبت الأزمة المالية التي تعرضت لها المكسيك العام 1994.
وفي الوقت نفسه يعترف كونتريراس أن الانخفاض الشديد في أسعار التكنولوجيا الحديثة ساعد بدوره على تحسن الإنتاج بشكل ملحوظ، ويقول «أصبح من الممكن في الوقت الحالي أن يسحب شخصا ما كاميراته ويقوم بالتصوير مستخدما كاميرا فيديو، ويستخدم الكمبيوتر وعن طريق تقنية بسيطة يتمكن من إنجاز فيلمه، وهذه هي الطريقة التي تمكن بها مخرجون لاتينيون شباب من الوصول إلى هوليوود. وإذا كانت الأرجنتين والمكسيك والبرازيل قد عرف عنها دور الريادة في مجال السينما بين دول أميركا اللاتينية، نجد أن الإكوادور تخطو في الوقت الحالي بخطوات واثقة نحو المضمار السينمائي.
وقدم المخرج الإكوادوري سباستيان كورديرو (مولود في كيتو العام 1972) فيلم «الفئران»، العام 1999 ولاقى نجاحا كبيرا، وكان يصور فيلما كل ثلاث سنوات، وأصبح في الوقت الحالي يصور ثلاثة أفلام في العام الواحد. ويوجد مخرجون شبان آخرون يتصدرون المجال السينمائي في أميركا اللاتينية مثل سباستيان كامبوس (تشيلي)، فرناندو لابيريث (كوبا)، بابلو اتول (أوروجواي)، ويلتقي جميعهم في البيت الأميركي في مدريد.
ويذكر أن بابلو استول(مولود في مونتيفيديو العام 1974) قام بإخراج فيلم «ويسكي» مع المخرج الراحل بابلو ريبيا العام 2004، ويحكي استول أنه حين كان مراهقا لم يكن هناك سينما في بلاده الأورغواي.
العدد 1868 - الأربعاء 17 أكتوبر 2007م الموافق 05 شوال 1428هـ