أحد أهداف «أجندة الألفية» يتمثل في مكافحة الفقر، وكان يوم أمس يوما عالميا لمكافحة الفقر. وطرح تعريف عالمي للفقر المدقع، وهو أي شخص يحصل على أقل من دولار واحد يوميا، أو 30 دولارا في الشهر، وهو مايعادل نحو 12 دينارا شهريا (للفرد الواحد). هذا هو الفقر المدقع، وليس الفقر النسبي، فالفقر النسبي هو الذي يأخذ في الاعتبار وضع البلد، ومتوسط دخل الفرد في الحسبان.
وفي البحرين، وبحسب الأرقام الأخيرة التي أصدرها الجهاز المركزي للإحصاء، وبعد جمع وطرح، فإن معدل دخل أي فرد يعيش على أرض البحرين (سواء كان مواطناَ أم غير مواطن) هو 670 دينارا شهريا. بمعنى آخر، فإن البحرين لديها من الثروة المنتجة وطنيا ما يكفي - لو وزعت بالتساوي - 670 دينارا شهريا لكل فرد، وإذا كانت العائلة عشرة أشخاص، فالمفترض (نظريا) أن يحصلوا على 6700 دينار شهريا، والعائلة ذات الخمسة أفراد يمكنها أن تحصل على 3350 دينارا شهريا. لكننا نعلم أن الثروات في أي مكان في العالم لا توزع بالتساوي، وفي البلدان العادلة توزع بحسب الكفاءة ومقدار مايبذله كل فرد من جهد، مع توفير حماية اجتماعية لغير المقتدرين، على ألا يكون الفرق بين الطبقة الغنية والطبقة الفقيرة كبيرا.
وقبل عدة سنوات طرح رقم في البحرين لتحديد الخط الأدنى للدخل الشهري للحيلولة دون الفقر، وهو نحو 170 دينارا شهريا، و340 دينارا شهرياَ لعائلة صغيرة. ولو أضفنا معدل الغلاء الرسمي على هذه الأرقام، فإن الفرد يجب أن يحصل على 200 دينار شهريا في 2007، والعائلة الصغيرة (مع طفل واحد) يجب أن تحصل على 400 دينار شهريا. وهذه الأرقام لاتأخذ في الاعتبار الحاجة إلى تملك سكن، الذي أصبح حلما بعيد المنال على المواطنين لأسباب معروفة جدا.
وفي السنوات الأخيرة طرح السياسيون والحقوقيون ملاحظات عدة على الأرقام المشار إليها شبه رسميا بالنسبة إلى الحد الأدنى للفقر النسبي في البحرين، ولحد الآن ليس لدينا مسح متكامل لاحتياجات الأسرة البحرينية، وربما لو كان لدينا هذا المسح لوجدنا أن المستوى الأدنى للفقر في البحرين أكثر بكثير من الأرقام المطروحة، وخصوصا إذا أخذنا في الاعتبار حجم الثروة الوطنية المتوافرة للبحرين، وأنها تكفي (لو أنها توزع بصورة عادلة) لأن يعيش كل فرد بخير وبمستوى لائق.
على أننا نرى أن هناك من يقترب من خط الفقر المدقع في البحرين، وهي مأساة حقيقية، ولولا وجود الصناديق الخيرية وتكافل الأهالي لكنا قد وجدنا مجاعة لدى بعض الفئات تنافس مجاعات إفريقيا التي نسمعها في الأخبار. وقد لعبت الصناديق الخيرية منذ مطلع التسعينات دورا مهما في رفع مستوى العوائل الفقيرة، ونأمل من الحكومة أن تعين هذه الصناديق ماديا بدلا من التضييق عليها قانونيا، كما نأمل منها طرح برامج واقعية تهدف إلى توزيع أكثر عدلا لثروتنا الوطنية.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1867 - الثلثاء 16 أكتوبر 2007م الموافق 04 شوال 1428هـ