العدد 1866 - الإثنين 15 أكتوبر 2007م الموافق 03 شوال 1428هـ

إنصاف صورة «فاروق»

ريم خليفة Reem.khalifa [at] alwasatnews.com

ختام حلقات مسلسل «الملك فاروق» التي عرضت أمس على شاشتي «أوربت» و«أم بي سي»، توالت فيها الحوادث بصورة ركزت على لحظات لم تذكر من قبل لآخر ملوك مصر وتحديدا في الفترة من يناير/كانون الثاني وحتى يوليو/ تموز العام 1952، وهي فترة معروفة بأنها كانت حاسمة ومهمة في تاريخ مصر الحديث.

ومعاودة الحديث عن هذا المسلسل هو بسبب هذه الشخصية التاريخية التي فرضت نفسها على تاريخ مصر، لكن المسلسل في الوقت نفسه حال دون فتح الملف الواسع لحياة أسرة فاروق وحقبة حكمه بما فيها المشكلات والمواقف التي يتعرض إليها من قبل والدته الملكة نازلي وشقيقاته التي تنتهي اثنتان منهن بنهايات مؤلمة.

وكون طرح هذا المسلسل جاء بصورة عقلانية، فإن من ينصف فاروق يظلم جمال عبدالناصر، ومن يعشق عبدالناصر يكره فاروق. وهي كما يبدو نتيجة مقصودة خلفتها الفجوة التي تركها مؤرخو يوليو بين كلا الحقبتين، وهو ما يجهل عنه الكثير من المصريين بمن فيهم العرب من الأجيال الحالية التي تجعل الجميع يستنتج الأوضاع التي وصلت إليها مصر وحتى فلسطين اليوم في تشابك سياسي معقد لم يعش أبناء جيلي فترتها... وهو ما قد يبرر الكثير من الأفعال التي تحدث على مستوى دول المنطقة.

وعلى رغم أن المسلسل انتابته مشاعر تتعاطف مع فاروق إلا أنها كانت حقيقية وهي تعرض على الملأ لأول مرة أمام الجمهور المصري والعربي خصوصا أن فاروق ترك مصر وتنازل عن عرشه بصورة مذلة للغاية... ففي تمام الساعة السادسة من مساء يوم 26 يوليو 1952 غادر فاروق مصر من دون أدنى اعتراض على ظهر اليخت الملكي «المحروسة» متوجها إلى إيطاليا، وفي ظل تلك الصورة التي تطغى عليها صلافة جمال سالم الذي كان يمسك عصا «التبختر العسكرية» تحت إبطه بانتظار رحيل حقبة مهمة من حياة مصر، كان لفاروق أيضا موقفا وكلاما مشهورا عندما نبه سالم بالقول: «أنزل عصاك أنت في حضرة ملك»، مشيرا إلى ابنه الرضيع الملك أحمد فؤاد الثاني، وحينها اضطر هذا الموقف اللواء محمد نجيب إلى الاعتذار عن ذلك، وأدى الضباط التحية العسكرية وضربت المدفعية إحدى وعشرين طلقة لتحية فاروق عند وداعه.

لقد ارتأى المخرج السوري حاتم علي والمؤلفة لميس جابر، سرد اللحظات الأخيرة بصورة محايدة ومفتوحة تترك للمتلقي العربي أن يحدد شخصية الملك فاروق، من دون ذكر لواقعة سالم كما هو الحال عندما لا يشار إلى تفاصيل اعتناق والدته وأختيه فائقة وفتحية الكاثوليكية، إضافة إلى ترك زوجته الثانية ناريمان بعد سنوات قليلة من زواجهما حياة المنفى وصولا إلى منيته التي يقال إنه قتل مسموما في أحد مطاعم روما، وهي الرواية التي لم تكذبها ابنته الكبرى فريال في لقائها الأخير مع «أم بي سي».

المسلسل فرصة لأن يتعرف العرب على حياة ملوكهم بما فيهم المصريون الذين لا يعرف 80 في المئة منهم الملك فاروق كما جاء في مقال للكاتب المصري أنيس منصور في صحيفة «الشرق الأوسط» موضحا بأن «99 في المئة من الشعب المصري وكل العرب لم يدخلوا القصور الملكية ولا عرفوا لها شكلا ولا لونا ولا أبهة». والذين يتابعون مسلسل «الملك فاروق» يرون شيئا جديدا سمعوا عنه ولم يروه.

إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"

العدد 1866 - الإثنين 15 أكتوبر 2007م الموافق 03 شوال 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً