غدا يعود البرلمان إلى نشاطه بعد انقطاع دام ما بين أربعة وخمسة أشهر، وهي فترة ليست قصيرة، وخصوصا أنها الفترة التي شهدت تطوراتٍ سريعة، وأثيرت أسئلة كثيرة عن مدى فاعلية البرلمانيين في التعاطي مع المسئوليات الملقاة عليهم. وفي الفترة الأخيرة بدأت المقارنات بين مجلس النواب الحالي ومجلس 2002، وازدادت المقارنة حدة بعد إعلان النائب جاسم السعيدي استقباله عددا من المواطنين من مناطقَ محسوبة على فئة من المجتمع من المفترض أن الكراهية هي التي تحكم العلاقة بينهم وبين السعيدي، وخصوصا أن تصريحات الأخير تتسم بنغمة طائفية معادية لهذه الفئة باستمرار. فما الذي حدا بمجموعة من المواطنين الذين يسعون إلى الحصول على مطالبهم بشأن موضوعات مثل «النوخذة» إلى أن يرتحلوا من سترة أو كرانة إلى النائب السعيدي الذي لم يتوقف عن التهجم عليهم؟
سؤال وجيه يحتاج إلى تأمل، فهل السبب هو «تطنيش» نواب «الوفاق» لقواعدهم التي أوصلتهم إلى البرلمان؟ أم هل أن السبب تصريحات المسئولين التي فهمها الناس أن حاجاتهم ستتم تلبيتها إذا توجهوا إلى نواب من نوعية السعيدي، وان طلباتهم سيتم تعطيلها إذا ذهبت إلى آخرين ليسوا من المحبوبين أو المحببين؟ السؤال الأهم: ما دور النائب البحريني؟ هل هو في تسهيل خدمات الناس أم في التشريع والرقابة؟
هذا التطارح في الأسئلة كان قد دار أثناء حوار جمعني مع النائب السابق جاسم الموالي، الذي تحدث عن تجربته السابقة بالقول: «إن النائب لديه أربع مسئوليات، تشريعية ورقابية وخدمية وتمثيلية». وأضاف «من ناحية التشريع فإن المساحة محدودة جدا ومختنقة باللائحة الداخلية، وحتى لو حصلت كتلة معارضة على أكثرية المقاعد في مجلس النواب - وهو من رابع المستحيلات بسبب التوزيع غير المنصف للدوائر الانتخابية - فإن هناك مجلس الشورى الذي سيقف حتما أمام أي تشريع لا يتسق مع رغبات الحكومة».
وقال: أما من ناحية الرقابة النيابية، فإن هذا متوافر في مساحات محددة، إذ ان هناك مساحات ووزارات يحرم على النائب الوصول إليها ومساءلة من فيها، ولا تستطيع أية كتلة نيابية أن تتوجه لمحاسبة وزير في المناطق التي تقع خلف الخط الأحمر غير المعلن رسميا. ويبقى أمام النائب - بحسب الموالي - جانب الخدمات والتمثيل، والتمثيل يعني الاشتراك في وفود لتمثيل البحرين في الخارج. ولأن التشريع محدود جدا، والرقابة محدودة بإطار محكم، يبقى أن التسابق بين النواب يكمن في الزيارات الكثيرة لتمثيل البحرين في الخارج، وأيضا في تقديم أكبر عدد من الخدمات إلى الناس... وهنا يتفوق السعيدي على «الوفاق» وغير الوفاق؛ لأن أبواب المسئولين مشرّعة للسعيدي، وربما أنها موصدة أمام «الوفاق» ومن لايشبه الشيخ جاسم السعيدي... بل إن «الوفاق» تترفع عن موضوع «الخدمات»، وبالتالي لا يبقى عمليا لديها شيء تقدمه إلى جمهورها، وهو الجمهور الذي ربما يضطر بعض منه إلى التوجه الى أي نائب آخر، حتى لو كان من الذين يشتمهم ليل نهار؛ وذلك لتسهيل شئون حياته ومعيشيته.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1866 - الإثنين 15 أكتوبر 2007م الموافق 03 شوال 1428هـ