العدد 2273 - الثلثاء 25 نوفمبر 2008م الموافق 26 ذي القعدة 1429هـ

ليس بالأصول والسيولة تحل المشكلات الاقتصادية

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

عند افتتاحه جلسات مؤتمر «أسبوع مركز دبي المالي» يوم أمس الأول (الاثنين)، تناول رئيس مجلس إدارة شركة «إعمار» الإماراتية، وعضو المجلس التنفيذي لدبي محمد العبار، أوضاع الاقتصاد العالمي، مؤكدا أنها تمر «في مرحلة صعبة تتطلب حديثا صريحا وإجراءات واضحة، وأن على دبي مواجهة وقائع جديدة».

واعترف العبار بأن ديون الإمارة تعادل عشرة مليارات دولار لحكومة دبي، و70 مليارا للشركات التابعة لها، لكنه مضى مؤكدا أن «الأصول الموجودة تفوق الديون بكثير؛ ما يبعد خطر العجز عن السداد».

وخلص العبار إلى القول إن «المجموع العام لأصول دبي وشركاتها سيقارب 1,3 ترليون دولار؛ ما يفوق ديونها بكثير، وإن حكومة دبي قادرة على مواجهة المتطلبات المالية».

تثير تصريحات العبار مسألتين يبرز بين ثناياهما بعض الغموض إن لم يكن التناقض: الأولى اعترافه الصريح والمباشر بوجود أزمة؛ إذ يأتي هذا الإعتراف من مسئول خليجي وسط سيل من تصريحات، لايكف مسئولون آخرون عن الإدلاء بها، وجميعها تصب في خانة واحدة مفادها أن «الإقتصاد الخليجي بعيد عن تأثيرات الأزمة العالمية، نظرا لما يتمتع به من متانة مصدرها السيولة النقدية المتوافرة من الوفرة النفطية»، الثانية قدرة حكومة دبي وشركاتها على التصدي لتلك الأزمة من خلال قيمة الأصول التي بحوزتها والسيولة التي يمكن أن توفرها تلك الأصول.

حملت تصريحات العبار الكثير من التفاؤل واكتنفها الكثير من التبسيط، فهو هنا كمن يقول «في حال اضطرارنا لإنقاذ الشركات المتأثرة بالأزمة لن نتردد في عرض الأصول التي قدَّرها العبار بنحو 1,3 تريليون دولار لتغطية أي عجز نواجهه».

ليسمح لنا العبار أن نلفت نظره إلى 3 مسائل أساسية هنا: الأولى هو الرقم الذي حدده لقيمة موجودات ما بحوزة حكومة دبي وشركاتها. هذه الأصول، بغض النظر عن حجمها وفق تقديرات اليوم، لايمكننا الإعتماد عليها، وأمامنا الكثير من المؤسسات المالية والإستثمارية الراسخة، عالمية كانت أم محلية، وذات القيم الفلكية، التي فقدت نسبة عالية منها، بل إن بعضها لم يعد يساوي حتى قيمته الدفترية.

المسألة الثانية والمكملة هي، حتى وإن افترضنا جدلا ولأسباب غير معروفة أو ليست منطقية، ونجحت تلك الشركات في الحفاظ على موجوداتها وصيانة قيمها من التهاوي، فما هي الضمانات بتوافر الشراة الذين لديهم الإستعداد للشراء. فمن المسلمات التي لاتقبل المناقشة، أنه في مراحل الأزمات البنيوية التي يشهدها الإقتصاد العالمي اليوم، تتوقف حركة البيع والشراء لأسباب كثيرة من بين أهمها: موجة الشك التي تسود ذهنية القوى المسيطرة على السوق؛ وخصوصا المؤسسات الكبيرة، إما تحسبا لأية مفاجآت غير متوقعة، أو حرصا على الإحتفاظ بأكبر كمية من السيولة بحوزتها، تحسبا لأي طارئ، هو الآخر لم يكن في الحسبان، يرافقها انعدام الثقة بين مؤسسات الإقراض والشراء؛ الأمر الذي يجمد السيولة نفسها ويحولها إلى أصول محنطة بعد أن كانت أدوات ديناميكية تحرك السوق وتبث الحياة في مرافقه المختلفة، المسألة الثالثة هو الخوف من تحول مسببات الأزمة من التضخم، إلى الإنكماش، وهو أمر محتمل حصوله في المراحل القريبة المقبلة. ومن أهم أعراض الإنكماش هو لجوء بعض المؤسسات الصناعية إلى تقليص كميات إنتاجها، من خلال وقف بعض خطوط إنتاجها، وربما يصل الأمر إلى ما هو أسوأ من ذلك فتلجأ إلى إقفال بعض فروعها، وهو أمر بدأت تشهده بعض الصناعات الإستراتيجية التقليدية مثل صناعة السيارات. هذا الإنكماش يولد بدوره سلبية أخرى خطيرة هي البطالة، التي تشل بدورها القدرة الشرائية لدى الأفراد ويبدأ الإقتصاد حينها مرحلة أزمات جديدة يترافق فيها الإنكماش مع الركود.

وأول سمات هذه المرحلة تباطوء النمو، وهو أمر اتفقت على احتمال حدوثه في الإقتصاد الخليجي تحليلات خبيرين اقتصاديين هما رئيس مجموعة «سيتي غروب» البنكية، وين بيشوف، والمدير السابق لصندوق النقد الدولي، جيمس ولفنسون، أثناء مشاركتهما في منتدى القادة الذي استضافته دبي في الأسبوع الثالث من نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، فهما وعلى رغم اختلافهما بشأن مسار واتجاهات الإقتصاد العالمي، غير أنهما اتفقا على أن دول الخليج ستشهد مرحلة من تراجع النمو. من خلال الإشارة الواضحة في مداخلتهما بأن «نمو الخليج سيتباطأ خلال العامين المقبلين».

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2273 - الثلثاء 25 نوفمبر 2008م الموافق 26 ذي القعدة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً