يعتبر البرنامج الإذاعي الرياضي «نقطة نظام» نقلة نوعية تحسب إلى الإذاعة وإلى القائمين عليه والمقدم له في اختيار ضيوف حلقاته بل والموضوعات المهمة المثارة والتي هي في الأساس حديث الشارع الرياضي بكل أطيافه بل يحمل هموم وشجون الرياضة المحلية على رغم الفترة الزمنية القصيرة التي ولد فيها هذا البرنامج المهم. قد لا نستطيع أن نطلق على البرنامج بالناجح المطلق لأنه مازال في بداياته، ولكنه استطاع أن يسجل لنفسه نجاحا أوليا يحتاج إلى تفاعل كبير من قبل المعنيين والمسئولين في مختلف المؤسسات الرياضية والتي تثار بشأنها القضايا الرياضية.

إن البرنامج في طرحه الجديد غير المعتاد عليه سابقا واختيار الضيوف ومن هم معنيون بالأمر وابداء السخونة في الحوار طوال الفترة الزمنية المسموحة للبرنامج أعطى انتعاشا ومؤشرا ايجابيا للحراك الرياضي لكي يقول كلمته من جديد بدلا من إبقائه في صدره حتى تنفجر في تصريح ساخن تكون فيه ردود الفعل متباينة من دون أن تكون هناك رؤى واضحة للموضوع وبالتالي تضيع الحقيقة المطلوبة بين هذه التصريحات النارية.

أنا هنا لا أقول إن الصحافة الرياضية لم تقم بدورها بهذا الشأن بل بالعكس، نحن في «الوسط الرياضي» قمنا بالكثير من المبادرات لتخفيف الاحتقانات بين بعض الاتحادات الرياضية ولاعبي المنتخبات وقمنا بعرض مشكلات حقيقية سواء كان ذلك للاعبين أو أندية، وكان التفاعل معها ملفتا للنظر وخصوصا من القيادة السياسية التي تدخلت في الكثير من الموضوعات التي تنشر في «الوسط الرياضي» لحلحلة مشكلاتها وهنا نحن اعتبرنا الرياضة قضية وليست فقط نشرة إخبارية في مختلف الألعاب وإنما عرض هموم وشجون من لا يمتلك الاستطاعة في الدفاع عن نفسه أمام المسئولين، فتقوم الصحافة الرياضية بعرض هذه المشكلة بأسلوب حضاري والقول الحسن كما تعلمناه من القرآن الكريم والرسول الأعظم (ص) وائمة أهل البيت عليهم أفضل الصلاة والسلام والصحابة المنتخبين.

أعود الى برنامج «نقطة نظام» عندما نبث مثل هذا البرنامج لمناقشة الهموم المهمة والأساسية متعرضين عن الأسباب الحقيقية للمشكلة طالبين فيها العلاج فنحن إذن نسير على درب النجاح ولكن نأمل ان تكون الأطروحات الحوارية في هذا البرنامج تسيطر عليه العقلانية والإجابات المعقولة في كل دفاع أو من طرف آخر يهاجم.

الحوار العلمي المدعوم بالأرقام بعيدا عن الخطابات الوهمية واستخدام الكلمات لسد الفراغ للمتحدث هو المطلوب دائما، لأنك عندما تتحدث وأنت تملك المعلومات بالأرقام والأدلة مع الحجج البالغة فإنك ستكون متحدثا مقبولا من جميع الإطراف بل ستكون إجاباتك عقلانية ليس فيها لبس والعكس صحيح عندما تكون الاجابة من المسئول المهم على السؤال الأهم والذي ينتظره الكثير من الناس للإجابة وعليه وإذا بهذا الرجل كما يقول المثل (أراد أن يكحلها عماها) عبر كلامه غير الموزون والبعيد عن صلب الموضوع أصلا وتجنب كبد الحقيقة المرجوة.

بعض الأشخاص الذين يحلون ضيوفا على مثل هذه البرامج يدخل في الحوار عن الموضوع المهم وهو يعلم مسبقا بأن ما يقوله الطرف الآخر صحيح مئة في المئة ولكنه يفاجئ الجميع بأطروحات غريبة وعجيبة ويلف ويدور يمنيا وشمالا يريد أن يقنع من معه ومن خلف المذياع ولكنه في الأخير يفشل فشلا ذريعا.

«نقطة نظام» في بدايتها تحمل الكثير من المدلولات على طريق حلحلة المشكلات الأساسية التي يعاني منها الجسم الرياضي في المملكة وبالتالي يحتاج هذا البرنامج إلى استجابات حقيقية من المسئولين في المؤسسة العامة إن كان الموضوع يخصها أو الاتحادات الرياضية والأندية إن كان الموضوع يخصها لأننا عندما نناقش موضوعا مهما عبر الإذاعة وتكون هناك مشاركة جماهيرية واسعة متجاوبة مع الأطروحات التي تبث بين المؤيد والمعارض فهذا يعني ان هناك قصورا يحتاج إلى تقويم والأخذ به إلى الطريق السليم. ولا يجوز البتة الصد عن أصل المشكلة والكيل بمكيالين واتهام من يقول كلمة الحق بأنه فتنة أو غير وطني أو أنه لا يفهم في مثل هذه الأمور، فهذا الرد السلبي غير مقبول ولا يمتلك الحل لأن أصل المشكلة موجودة وستظل قائمة وخصوصا في ظل وجود مثل هذه الكوادر في المؤسسات الرياضية المحلية ولن تكون هناك أي درجة للتقدم وسيظل الأمر يراوح مكانه.

«نقطة نظام» خرج من النطاق الضيق إلى الواسع عندما سمح للصحافة بالحضور وإبداء كل الملاحظات ونشر ما يدور داخل الاستيديو الإذاعي من حوارات ساخنة وأعطى الفرصة الأكبر ممن لا تسمح له ظروفه في الاستماع الإذاعي لهذا البرنامج ليطلع على ما دار فيه من موضوعات مهمة عبر الصحافة الرياضية وبالتالي صار هذا البرنامج يؤدي دوره بشكل فاعل ونحن نعتقد أن سر نجاحه الأولي هو التفاعل الجماهيري له عبر القراءة في الصحافة الرياضية.

نحن لا نريد أن يقوم هذا البرنامج «نقطة نظام» في طرح الموضوعات الحساسة والمهمة والتي تعتبر أصل المشكلة لدينا وتفوق من التطور وتكون في حلقاته الحوارات الساخنة من دون أن تجد له آذان صاغية وإجابات وافية من قبل المسئولين ولابد من التفاعل في مثل هذه الموضوعات وإلا صار البرنامج كسابقاته من البرامج الأخرى وإن كان هذا البرنامج يحسب له بحرية التعبير في مثل هذه الموضوعات المهمة والتي افتقدناها في برامج الإذاعة والتلفزيون. عموما نحن جميعا نشد على أيدي القائمين على هذا البرنامج والمقدم الصحافي الرياضي فيصل الشيخ الذي استطاع أن يعطي البرنامج الدور الفاعل والمؤثر عبر اختياره للضيوف وطرح أسئلته المهمة وعلينا جميعا مساندته في مهمته في الضغط العاقل باتجاه حلحلة الأمور من أجل الوصول إلى الحلول الجذرية لتطوير رياضتنا وعدم السير على طريق البركة والعمل على إيجاد استراتيجيات وخطط عمل مستقبلية في كل المؤسسات الرياضية المحلية وترك العمل العشوائي حينما سنصل بإذن الله إلى المرفأ الآمن من التطوير.

أخيرا نحن بحاجة إلى أكثر من برنامج سواء كان إذاعيا أو تلفزيونيا ولا يكفي هذا البرنامج «نقطة نظام» لتسليط الضوء على مشكلاتنا الأساسية ونحن بانتظار المزيد من البرامج بإذن الله.