لقد اعتمدت محكمة العدل الأوروبية هذا التعريف للمستهلك النهائي الخاص -على حد تعبيرها- الذي يشترط لتمتعه بقواعد الحماية أن يكون تصرفه لغرض مستقل تماما عن حاجات نشاطه التجاري أو المهني.
ويركز هذا التعريف على الغرض من التصرف؛ فإذا كان هذا الغرض بعيدا عن النشاط المهني للشخص، مثل التصرفات التي يجريها لإشباع حاجاته اليومية أو حاجات أسرته؛ فإنه يحوز صفة المستهلك، بخلاف ما إذا كان الغرض من التصرف يتعلق ولو من بعيد بنشاط الشخص المهني؛ إذ لا يعد في هذه الحال مستهلكا جديرا بالحماية، ولو اتسم مركزه الاقتصادي بالضعف.
وقد أولت الأمم المتحدة الموضوع الأهمية التي يستحقها فكان قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 248/39 الصادر في 9 أبريل/ نيسان 1985 بشأن حقوق المستهلك ويمكن تلخيصه في النقاط الآتية:
1 - الحق في السلامة: أي الحق في الحماية ضد المنتجات والخدمات الضارة بالصحة أو الحياة.
2 - الحق في إشباع احتياجاته الأساسية: أي الحق في الحصول على السلع والخدمات الضرورية، وهي الغذاء والكساء والمأوى والعناية الصحية والتعليم.
3 - الحق في بيئة صحية: أي الحق في أن يعيش ويعمل في بيئة لا تهدد سعادة الأجيال في الحاضر أو المستقبل.
4 - الحق في التعليم أو التثقيف: أي حقه في اكتساب المعرفة والمهارة التي تمكِّنه من الخيار الواعي للسلع والخدمات في ظل إدراكه للحقوق والمسئوليات الأساسية للمستهلك، وكيفية التصرف في ضوئها.
5 - الحق في أن يُستمع له: أي الحق في عرض مصالحه عند تنفيذ السياسات الحكومية لتطوير المنتجات والخدمات.
6 - الحق في الاختيار: أي الحق في أن يكون قادرا على الاختيار في مجال المنتجات والخدمات المقدمة بأسعار تنافسية مع تأمين درجة الجودة الكافية.
7 - الحق في إعطائه المعلومات اللازمة التي تمكنه من أن يبني اختياره على أسس صحيحة، وتوفر له الحماية ضد الغش والخداع في الإعلان، ووضع البيانات الإيضاحية على بطاقات العبوات.
8 - الحق في الإنصاف أو التعويض: أي الحق في الحصول على تسوية عادلة لشكواه بما في ذلك تعويضه عن الأضرار التي لحقت به من السلع الرديئة أو الخدمات غير الكافية.
ويتفاوت تاريخ الدول من حيث اهتمامها بالمستهلك. وتعتبر الولايات المتحدة من المجتمعات التي لها اجتهادات مبكرة في هذا الصدد. ويرجع المحرر في موقع يو أس إنفو، فيليب كوراتا الاهتمام الأميركي بحماية المستهلك إلى العام 1906، عندما نشر المؤلف والروائي الطليعي أبتون سنكلير كتابه «الغابة»(The Jungle) الذي عرّى فيه الأوضاع المزرية التي كانت سائدة في صناعة تعليب اللحوم في شيكاغو. وقد أرسل الرئيس ثيودور روزفلت مفوضين فيدراليين إلى شيكاغو في العام 1906 ليروا إذا كانت الظروف سيئة بالشكل الذي وصفه سنكلير.
وكان سنكلير واحدا من عدد من الصحافيين البواسل الذين وصفهم الرئيس روزفلت «بمعرّي الفاسدين». وقد أدت تعريتهم للفساد والمسيئين إلى إصلاحات تشريعية تظهر طبيعة الإصلاح الذاتي لديمقراطية الولايات المتحدة. فقد كتب لنكولن ستيفنز تفاصيل فساد البلديات في كتابه «عار المدن» الذي أدى إلى صدور تشريع حطم الأجهزة السياسية التي كانت تسيطر على المدن الكبيرة مطلع القرن العشرين.
وشرحت ايدا تاريل سوء أداء شركة «ستاندرد أويل»، ما أدى إلى انهيار تلك الشركة واحتكارات أخرى. وأثار نشر كتاب ديفيد غراهام فيليب «خيانة مجلس الشيوخ» صرخة لدى الرأي العام أدت إلى انتخاب مباشر للشيوخ.
وكانت حماية المواطنين من الأقوياء وذوي النفوذ نغمة متكررة في تاريخ الديمقراطية والرأس مال الأميركيين. وأتاحت الحريات الاقتصادية لذوي المشاريع التجارية أن يجمعوا ثروات، إلا أن الحريات السياسية مكنت المصلحين من أن يكشفوا عن الإساءات والناخبين من أن يحبطوا تشكيل حكومة «أوليغاركية»، تسيطر عليها جماعة صغيرة.
بعد ذلك يعرج فيليب كوراتا في حديثه على ما قام به سجل الناشط الاجتماعي رالف نادر وهو من أصل لبناني الذي أظهر كيف أهمل صانعو السيارات السلامة وركزوا على الشكل، الراحة، السرعة والقوة.
إن كثيرا من المنتجات التي يسلم بها جدلا الأميركيون اليوم هي من صنع ناشطين اجتماعيين غيروا الطريقة التي تعمل بها الشركات وتحمي البيروقراطيات الحكومية الشعب. وترحب الوكالات الحكومية اليوم بآراء الجمهور بشأن سلامة منتجات يستهلكها الشعب.
ونجد أن حقوق المستهلك نالت اهتمام أعلى مستويات السلطة في الولايات المتحدة، فقد حدد رئيس الولايات المتحدة الأميركية السابق جون كيندي (60-1963 ) أربعة حقوق للمستهلك هي:
1 - حقه في السلامة عند استخدامه السلع والمنتجات، فلا يضار في صحته أو حياته أو .ممتلكاته.
2 - حقه في الاختيار لما يناسبه من السلع والمنتجات.
3 - حقه في أن يسمع له.
4 - حقه في أن يعلم المعلومات التي تكفي لترشيد اختياره.
وعندما أصبح فورد رئيسا للولايات المتحدة أضاف الى هذه الحقوق حقا خامسا هو الجودة، وقد تبنت جمعيات حماية المستهلك هذه الحقوق وأضيف اليها الحق في بيئة صحية وفي الاحتياجات الأساسية.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 1864 - السبت 13 أكتوبر 2007م الموافق 01 شوال 1428هـ