بحسب ما أوردته وكالة «بنا» أمس فإن السلطة الفلسطينية «تدعم لقاء وزير خارجية البحرين مع وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني»، وهو الاجتماع الذي جرى على هامش انعقاد الدورة الثانية والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك الأسبوع الماضي.
وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة كان شفافا في الموضوع، وصرح للصحافة بأنه فعلا التقى الوزيرة الإسرائيلية، كما استفاد من المناسبة لتأكيد أن «الاتصالات مع الجانب الإسرائيلي لم تكن وليدة الساعة بل سبق أن زار مملكة البحرين وفد إسرائيلي خلال العقد الماضي برئاسة وزير البيئة الإسرائيلي يوسي ساريد في إطار مفاوضات السلام المتعددة الأطراف».
وقالت وزارة الخارجية في بيان بهذه المناسبة: «تود وزارة الخارجية أن تؤكد أن جميع الاتصالات التي تقوم بها هي في إطار الشفافية التي تتحلى بها الدبلوماسية البحرينية وتعلم بها الأطراف المعنية وليس لها طابع سري أو أهداف سرية بل تهدف إلى دعم مصلحة الشعب الفلسطيني ورفع المعاناة عنه... ومما لا شك فيه فإن الواقع السياسي اليوم اختلف عن الواقع السائد قبل أربعين عاما وهو الأمر الذي لا يزال البعض يتجاهله على رغم الحقائق السياسية الموجودة في عالمنا المعاصر».
لنتذكر أيضا أن سبتمبر/ أيلول 2006 شهد غلق مكتب مقاطعة البضائع الإسرائيلية في البحرين وذلك بعد اعتماد اتفاق التجارة الحرة مع أميركا، كما تسلمت بعد ذلك - ولمدة عام واحد - الشيخة هيا بنت راشد آل خليفة رئاسة الجمعية العامة للأمم المتحدة، وأكدت حينها أنها تلتقي المسئولين الإسرائيليين ضمن مهمات عملها في المؤسسة الدولية.
وفي أحد الاجتماعات التي جمعت مفكرين عربا وغربيين مطلع العام الجاري تحدثت إحدى المتداخلات العرب في إطار الحديث عن العلاقات بين العرب و«إسرائيل»، وقالت: «لا تطلبوا منا أن نعترف بحق (إسرائيل) في الوجود، لأن ذلك يعني قبولنا بتشريد الشعب الفلسطيني وسلبه أرضه، ولكن يمكن أن تطلبوا منا أن نعترف بوجود (إسرائيل) على أساس حكم الواقع».
وبحسب هذه النظرة، فإن العرب عليهم أن يتعاملوا مع حكم الواقع من دون أن يتنازلوا ويذعنوا إلى مقولات إسرائيلية تقول إن الله وهبهم أرض فلسطين... وهو قول منافٍ للذوق ومنافٍ لجميع مفاهيم حقوق الإنسان والديمقراطية. فلو جاءت جماعة دينية، مثلا من إفريقيا، وقالت إن لديها كتابا سماويّا وإن كتابهم يقول إن الولايات المتحدة الأميركية ملك لهم «بحسب نص إلهي»، فهل سيسمح لهذه الجماعة (لو كانت تمتلك القوة) أن تطرد الشعب الأميركي وتحتل أراضيه؟
إن الواقع تغير منذ زمن بعيد، ولكننا نفسيّا لم نرضَ بالقبول بهذا الأمر الواقع، وقد آمن الرئيس المصري السابق أنور السادات بأن الحل بيدِ أميركا بنسبة 99 في المئة، وسلم كل شيء إلى الحل الأميركي، والى حد الآن إن التطبيع بين مصر و«إسرائيل» ليس متحققا على الأرض.
يبقى أن من الصحيح أننا بحاجة إلى فهم جديد ونهج أفضل من السابق في كيفية التعامل مع الواقع الإسرائيلي، لكن مع الأسف فإن العرب يذهبون إلى مؤتمر السلام من دون قوة ولم يستفيدوا مثلا من درس الحرب الإسرائيلية على لبنان في يوليو/ تموز الماضي، وكيف أن تنظيما صغيرا (وليس جيشا بأفضل الأسلحة) استطاع أن يقف أكثر من شهر يقاوم، بل إنه أوجع أفضل لواءين عند الإسرائيليين ودمر دبابة «الميركافا» التي كانوا يصفونها بالمعجزة.
الفكرة من هذا الكلام أن الإرادة تصنع الموقف وتصنع النصر، والعرب مدعوون إلى الاستفادة من تجربة حزب الله في الصمود، حتى لو كان ذلك أثناء الجلوس على طاولة المفاوضات.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1864 - السبت 13 أكتوبر 2007م الموافق 01 شوال 1428هـ