عبر اهالي قريتي عالي وسلماباد عن رفضهم لتسلم الشقق التي بنتها وزارة الاسكان في مشروع عالي- سلماباد الإسكاني، مطالبين الحكومة والنواب بإيجاد بدائل أخرى من خلال بناء وحدات سكنية في المنطقة أو المناطق المجاورة لاستيعاب الكم المتصاعد من الطلبات الاسكانية.
جاء ذلك في الندوة التي عقدها النائب السيدعبدالله العالي في الهواء الطلق مساء أمس (الثلثاء) بمشاركة رئيس لجنة المرافق العامة والبيئة في مجلس النواب النائب جواد فيروز وممثلين عن وزارة الاسكان لتسليط الضوء على المشروع الاسكاني للمنطقة.
اما النائب جواد فيروز فأعلن أن النواب من مختلف الكتل البرلمانية يطالبون وزارة الاسكان بوقف كل مشروعات البناء العمودي مستقبلا، والتفكير في تصاميم جديدة لتشييد بيوت في المساحات ذاتها لمراعاة الخصوصية الاجتماعية للعائلة البحرينية.
وفي بداية الندوة، التي شهدت مداخلات ساخنة من الأهالي- أوضح أحد المهندسين المشرفين على المشروع عباس الوطني أن مشروع اسكان عالي- سلماباد كان من المفترض أن يكون أكبر من حجمه الحالي، ولكن بعض أجزاء المشروع تعطلت بسبب قضية استملاكات الأراضي، الأمر الذي أدى لاحقا الى تعديل المشروع بالكامل، فقد تم استثناء الجزء الجنوبي من المشروع والذي يشمل 83 أرضا».
وأوضح الوطني أن المشروع الاسكاني تبلغ مساحته 34 هكتارا، ويحتوي على 60 عمارة سكنية فضلا عن عدد من البيوت، وهناك بيوت أضيفت في الفترة الأخيرة وهي عبارة عن الوحدات الإسكانية التي كانت مكرمة جلالة الملك الى الرياضيين وشملت نحو 43 بيتا.
وذكر أن مخطط المشروع يحتوي على مدرستين وسوق تجارية وجامع وحديقة رئيسية كبيرة وثلاثة مواقع لمساجد صغيرة، كما أن العمارات مطلة على شارع سلماباد الرئيسي بارتفاع 6 أدوار.
ونوه الوطني الى بناء 28 عمارة سكنية في المشروع حتى الآن، كما أن كل عمارة تتكون من 23 شقة، مبينا أن مشروع عالي - سلماباد يعد من مشروعات امتداد القرى، التي بموجبها يتم توزيع نصف الوحدات الاسكانية على أهالي المنطقة والنصف الآخر على أهالي المحافظة.
وبين أن الشقة الواحدة تتكون من 3 غرف نوم و3 دورات مياه ومطبخ كبير وصالة ومجلس مستقل وغرفة للخادمة، كما أن جميع العمارات بها مصاعد كهربائية، فضلا عن مواقف للسيارات وحديقة لكل مجموعة من العمارات، موضحا أن المشروع سيجهز في العام 2009.
وقد سبب عرض فيلم أعدته وزارة الاسكان لبيان ميزات الشقق الاسكانية الجديدة في اثارة سخط الاهالي الذين طالبوا بوقف عرض الفيلم، مجددين اعتراضهم على خيار البناء العمودي، وطالبوا الوزارة بالعدول عن هذا الخيار، وبعد توسط من النائب العالي تم استكمال أجزاء الفيلم مرة أخرى والذي أظهر الشقق بمساحات أكبر مما هي عليه في المشروعات الاسكانية السابقة.
من جانبه، شرح مسئول قسم التوزيع في وزارة الاسكان أحمد يوسف طبيعة مشروع اسكان عالي- سلماباد وآلية التوزيع التي اعتمدتها الشقق، موضحا أن مساحة الشقق تعد كبيرة اذا قورنت مع المشروعات السابقة.
وفي رده على المداخلات الغاضبة في الندوة، شدد يوسف على أن الشقق ستوزعها وزارة الاسكان على من يرغبون فيها، ولن يتم فرضها على اي احد وبوسع من يرفض خيار الشقق ان يبلغ الوزارة رسميا ليكون على قائمة الانتظار وفق الاجراءات والآليات المعمول بها في الوزارة.
واوضح يوسف ان وزارة الاسكان بادرت بالاتصال بأصحاب الطلبات الاسكانية منذ العام 1994 حتى العام 2003 لعرض خيار الشقق على من يرغب بها، وقد تمكنت الوزارة من تغطية جزء كبير من الطلبات، لكنه اقر بوجود نسبة كبيرة من الاهالي لم يقبلوا بالشقق.
وبدوره أعلن رئيس لجنة المرافق العامة والبيئة في مجلس النواب النائب جواد فيروز ان «النواب لم يقروا او يوافقوا على خيار البناء العمودي، فهم لم يقترحوه، وانما وزارة الاسكان هي التي بادرت الى تنفيذ البناء العمودي كأحد الخيارات المتاحة لايجاد حلول سريعة للمشكلة الاسكانية التي تعاني منها البحرين».
وقال فيروز: «انها لفتة كريمة من وزارة الاسكان أن تشارك النواب في اللقاءات المناطقية مع الاهالي لشرح طبيعة المشكلة الاسكانية والحلول الممكنة لها، ونأمل من الوزارة ان تكثف هذا التعاون المحمود مع النواب والبلديين للاستماع الى صوت الاهالي في مختلف مناطق المملكة».
واضاف فيروز: «الكل في البحرين بدا يدرك بوجود مشكلة اسكانية معقدة ومتراكمة وآخذة في التصاعد، ونحن في مجلس النواب بدأنا نحرك هذا الملف بحيث ان السلطة التنفيذية بدأت تقر بأن هناك مشكلة اسكانية كبيرة في البحرين، وان هناك 45 ألف طلب اسكاني على قوائم وزارة الاسكان، وان هناك 600 طلب اسكاني جديد سنويا، واذا لم تحل هذه المشكلة فإنها ستترك آثارا خطيرة على السلم الأهلي في البحرين».
واوضح فيروز أن «جلالة الملك وسمو رئيس الوزراء وسمو ولي العهد حريصون على ايجاد الحلول الكفيلة وضع حد للمشكلة الاسكانية، وخلال لقائنا الاخير قبل يومين مع سمو رئيس الوزراء لمسنا تفهما وجدية كبيرة من سموه لحل المشكلة الاسكانية، ونحن نطالب الدولة بأن توجد كل المخارج الممكنة لحل هذه الأزمة الكبيرة».
وفي تعقيبه على الانتقادات الحادة من الأهالي للشقق التي بنتها وزارة الاسكان، قال فيروز: «يجب ان يكون واضحا للجميع أن مشروع البناء العمودي لم يكن مقترحا من النواب، وانما الدولة هي التي بادرت به، لأنها رأت في هذا الخيار جزءا من الحل لمواجهة استحقاقات الأزمة الاسكانية».
وأفاد فيروز بأن النواب من مختلف الكتل البرلمانية يطالبون وزارة الاسكان بوقف مشروعات البناء العمودي المستقبلية، مشيرا الى وجود أفكار هندسية جديدة لتصميم وحدات سكنية بمساحات معقولة كبيوت متلاصقة على المساحات الجغرافية نفسها التي من المفترض تشييد الشقق عليها.
وأشار فيروز الى أن «النواب واجهوا مشروع البناء العمودي بعدد من التحركات الموضوعية والواقعية، وشددوا على ضرورة عدم فرض الشقق الاسكانية كخيار واقع على الأهالي في مختلف المناطق، وتوافقوا مع وزارة الإسكان على أن من حق صاحب الطلب رفض الشقة وأن يثبت طلبه على قائمة الانتظار وأن يحصل في مدة انتظاره على علاوة بدل السكن المقرة من قبل المجلس، والتي نسعى حاليّا إلى رفعها الى 150 دينارا وخفض الفترة المطلوبة للحصول على العلاوة من 5 سنوات الى سنة واحدة إذا توافرت الموازنات المطلوبة لذلك».
وبيَّن فيروز وجود مساعٍ حثيثة من النواب بالتعاون مع وزارة الاسكان لاستملاكات الأراضي في مختلف المناطق وخصوصا داخل الأحياء السكنية، وهذه مسألة مهمة لكنها ليست سهلة، ولذلك فإن المشروعات الاسكانية المستقبلية تشكل تحديا كبيرا يجب أن ننجزه.
ولكن فيروز نبه رافضي الشقق الى أن «المستقبل قد لا يكون أفضل حالا من الحاضر» وقال: «من حق الأهالي رفض الشقق الاسكانية، لكننا لا نضمن أن الظروف المقبلة ستكون أفضل من الظرف الحالي، فعندما تقل الموازنة بسبب انخفاض أسعار النفط فإن خطط المشروعات الإسكانية المستقبلية ستتأثر حتما، ونحن نعتقد أن على الأهالي أن يختاروا رغباتهم بحرية وقناعة كاملة ولكن مع مراعاة الظروف الواقعية والاستشرافات المستقبلية».
وفي ختام الندوة، ألقى الناطق الاعلامي باسم اللجنة الاهلية للاسكان في منطقة عالي حسين منصور كلمة، جدد فيها رفض الأهالي لمشروع الشقق الاسكانية، موضحا أن أهالي عالي وسلماباد يعملون بكل الخيارات السلمية المتاحة لإقناع الحكومة بتخصيص بيوت للأهالي أسوة بالمواطنين في مختلف المناطق، كما دعا الحكومة- باسم الأهالي- الى «عدم توزيع الوحدات السكنية في مشروع عالي- سلماباد على جهات خارج النسيج البحريني».
العدد 2273 - الثلثاء 25 نوفمبر 2008م الموافق 26 ذي القعدة 1429هـ