المتأمل في الوضع الذي آلت إليه سوق الأراضي في البحرين، لا يملك إلا أن يضع يده على خده، ويصفق إحداهما بالأخرى... مثال بسيط، وهو مخطط الأراضي الذي بيع قبل سنوات في منطقة المالكية، إذ كان القدم حينها بدينار ونصف، وأكبر الأراضي لم تتعد قيمتها آنذاك 6 آلاف دينار. أما اليوم فإن هذه الأرض لا يمكن شراؤها حتى بمبلغ 45 ألف دينار!

بيوت الإسكان التي أكل عليها الدهر وشرب، ومر عليها ما يقارب 20 عاما معروضة للبيع اليوم بمبلغ لا يقل عن 70 ألف دينار! ونحن نتكلم عن الأراضي والبيوت في الدوار رقم 17 أو 18 وليس الدوار الأول أو الثاني من مدينة حمد!

هناك من يقول إن فتح سوق العقارات إلى الخليجيين ورطنا ووضعنا في محنة لن نخرج منها أبدا، بل أن كثيرا من المساكين يمنون النفس بحدوث طارئ في منطقة الخليج لينخفض سعر الأراضي والعقارات.

في مقابل هذا الغلاء الفاحش، تواجهنا مشكلة أخرى، وهي مشكلة الأراضي المستملكة بلا حسيب ولا رقيب من قبل بعض المتنفذين، الذين وجدوا ضالتهم في هذه الأراضي التي لم يكونوا ليحلموا بأن تصل أسعارها إلى ملايين الدنانير! فهل بإمكان مواطن عادي اليوم شراء «زرنوق» في ضاحية السيف التي أصبحت أسعار أراضيها أغلى من الذهب أضعافا مضاعفة، والتجار يمنون النفس باستملاك كل شبر في تلك المنطقة. ولو يفكر أهالي كرباباد في الخروج من ديارهم لأغرقوا بالأموال، ولعل اقتراب مد العمارات من الأحياء السكنية تمهيدا لإخراج الأهالي من قريتهم الوادعة.

هل ذلك يعني أنه لم يعد هناك مكان للبحرينيين في بعض المناطق، هل يعني ذلك أن السنابس والديه وكرباباد ستتحول إلى أبراج وناطحات سحاب؟! ربما. ولا نستبعد أن سكان هذه القرى «المطحونين» سيقبلون ببيع أراضيهم بأسعار خيالية ليعيشوا ما تبقى لهم من عمر عيشة هنيئة، على رغم أن ذلك فيه شك كبير!