يحدّثني مواطن شريف سأرمز له بـ(م.ش) أنه دخل على صاحب محل ووجد لديه أجناسا مختلفة من بني البشر، الآسيويين، فسأله: لديك عمل كثير في هذا المكتب المتواضع؟ فقال صاحب المكتب، وهو كبير الكرشه وسأرمز له بـ(ك.ك): نترزق الله، هذا يبغي فيزا وهذا يبغي فيزتين وغيره ثلاث... وهلّم جرى.

فقال (م.ش): ولكن هذا حرام، وأنت بتخرب البلد بمثل هذه التصرّفات.

ردّ عليه (ك. ك): يعني وقفت عليَ أنا بس. كثير من الناس يتعاملون بنفس المسألة، وهذه تجارة، والتجارة شطارة، و»روح ول عني» أحسن لك.

(م. ش): من أين حصلت على هذا العدد من الفيز؟

(ك. ك): يتم منحنا مجموعة من الفيز لتعديل أوضاعنا، تماما كما يتم منح غيرنا أراضي كبيرة لتعديل الأوضاع، وبالمثل يتم منح آخرين مبالغ مالية كبيرة لتعديل الأوضاع... والبلد كلّها «ماشيه كده»!

(م.ش) يتساءل في نفسه وهو يرمق كرش صاحبه: لو أنّ كل مواطن تم منحه جزءا يسيرا لتعديل أوضاعه المعيشية ألم يكن أجدى وأنفع من منح هؤلاء الهوامير هذه الملاين؟ فتتدلى كروشهم في امتداداتها الأفقية، وتسيح سيحان الدهن الخالدي على الهريسة والمحمّر البحرينيين! آه يا وطن... وآه يا مواطن!

(ك.ك): كأنك حاسدني على هالبيزتين؟ أنا من خلقت الدنيا وأنا ولد عز، يعني لست في حاجه إلى بيع الفيز، بس «الجماعة» يعطوني بعض الفيز عشان تعديل الأوضاع.

(م.ش): تعديل الأوضاع. ما قصة تعديل الأوضاع «اللي ماشيه في البلد اليومين دول»؟ وما قصة أنها تذهب إلى كل من... وحينما تصل إلى الفقير تأتيها الأوامر: للخلف در.

(ك.ك): حبيبي يا مواطن يا شريف. تعديل الأوضاع هو مصطلح خاص بأصحاب الكروش الكبيرة؛ يعني بصريح العبارة وكما يقال باللغة الهندية: الفقاره ني هي. بعدين، الفقير فقير، وهو لا يحتاج إلى «تعديل أوضاع» ؛لأنه «رايحه عليه رايحه». ومشايخ الدين عندكم يقولون: الفقير في الدنيا غني في الآخرة. امشوا وراهم ونلتقي في الجنة!

(م.ش): أنت واثق أنك بتدخل الجنة، وبعد تبغي تتقاسم الجنة مع الفقاره؟!

(ك.ك): ليش، الجنة ملك خاص بالفقاره. بعدين أنا أدفع صدقات كثيرة ولي نية أن أتبرع بمجموعة من الرحلات للعمرة!

إلى هنا وانتهى الحوار بينهما. وبدوري اتمنى من «الجماعة» أن يلتفتوا على «اللي تحت»، على الفقاره، والذين هم في ازدياد مضطرد، ويقوموا بتعديل أوضاعهم، بدلا من تعديل أوضاع أصحاب الكروش المتدلية على آخرها!