في مساء الجمعة الماضي، اختارت جمعية المعلمين أنْ تحتفل بيوم المعلّم العالمي من دون «شعر بنات»!
وفي الهواء الطلق وسط مجمّع الجمعيات الأهلية، تحدّث أمين عام «وعد» إبراهيم شريف، مبتدئا بتفنيد كلام أحد مسئولي وزارة التربية بأنّ حركة المعلّمين لا تراعي العملية التعليمية، بقوله: إنّ كلّ ما يجري في الوزارة لا يراعي العملية التعليمية، «فلو كانوا يؤمنون بدور المعلّم لاستجابوا لمطالبه المشروعة وعملوا على تحسين أوضاعه المعيشية». وأشار إلى أن مداخيل النفط زادت بمعدل 500 بالمئة منذ 1999، بينما لم تتعد زيادة الرواتب 20 في المئة، ومقابل 400 مليون دينار تنفق على الأمن والتسلّح، هناك بخلٌ شديدٌ على زيادة الأجور، وأجور المعلّمين خصوصا.
شريف أوضح أنّ نسبة التضخم 2 بالمئة بحسب أرقام الحكومة، بينما ارتفعت كلفة المعيشة بنسبة 5 إلى 10 بالمئة بحسب تقديره، وبالتالي فإنّ ما تقدّمه الحكومة من زيادة ما هو إلاّ فتات، سرعان ما تلتهمه زيادة الأسعار. وإذا كنّا نعيش اليوم الطفرة النفطية الثالثة (بعد 73 و79)، ولم يحصل المواطن على حقوقه الآنَ، فهل عليه أنْ ينتظر طفرة أخرى بعد عشرين عاما... وربما لا تأتي أبدا مع قرب نضوب النفط؟
شريف، وصف وزارة التربية بأنها «أسوأ الوزارات، ليس فقط للتمييز الطائفي، بل للتمييز الجندري أيضا»، فالطاقم الأعلى بالوزارة يتوارثه الرّجال، وهي لفتةٌ أثارت تصفيق الحضور وخصوصا المعلّمات. ثم تناول الإشكالية الكبرى في التربية، والتي ذكّرنا بها حتّى بحّ صوتنا، بقوله: إنه «ليس المطلوب فقط أنْ تكون من طائفة معينة فحسب، بل من انتماء سياسي معيّن، ومن جماعات محددة ذات ولاء سياسي».
ولكي لا نتهم كالعادة بالطائفية أو الحقد والتحريض وغيرها من التهم الصبيانية الرخيصة، نترك شريف يشخّص بمشرطه علل الوزارة، بقوله: «إنّ ما يحدّد مستقبل البلد هو العلم الذي يتلقاه أبناؤنا، فتصوّروا كيف سيكون الوضع إذا لم تبنَ القيادة التربوية على الكفاءات بل على التمييز والولاءات. وإذا لم توجد فرص متساوية للوصول إلى مراكز قيادية بالوزارة فنحن أمام أزمة، وعندما يكون المعلمون أكثر كفاءة من مسئوليهم الإداريين، فمن الطبيعي أنْ يحاولوا طمس هذه الكفاءات وتهميشها ومحاربتها».
إحدى نقاط الخلل في مسيرتنا التعليمية المسكوت عنها، أرجعها شريف إلى اعتقاد المسئولين بأنّ سلاحهم ليس التربية بل الإعلام، مستشهدا بافتخار الوزير العام الماضي برفع نسبة النجاح في الثانوية العامّة بنسبة 10 في المئة، وخاطب الحضور قائلا: «أنتم كمعلّمين ومعلّمات، تعرفون ما يتطلبه رفع نسبة طالب واحد بنسبة 3 بالمئة فقط، من الجهد والتعب، فكيف يتم رفع النسبة في مرحلة دراسية كاملة بهذه السرعة».
الحديث عن المعلّمين ليس حديثا كيديا أو تربصيا أو اتباعا لهوى سياسي، بل يمس مستقبل البلد وصميم التنمية الاقتصادية والاستقرار السياسي، فإذا لم يلتفت المسئولون لهذه الوزارة؛ لتدارك الخلل وإصلاح الأخطاء، فلن تنفع الشارات المعدنية البيضاء الرخيصة، أو توفير ألعاب البيت الهزّاز وركوب الخيل. كما لن يبيّض سجل الوزارة «دزّ» بعض «الأذكياء» لتوزيع الشتائم أو إغراقنا بسجالات فارغة، على طريقة «قلتم» و»قلنا»، أو تحريف المطالب السلمية والعادلة لهذا القطاع العريض من المواطنين إلى استهدافات شخصية، أو التحريض على جمعية المعلّمين على طريقة الجواسيس في فترة «أمن الدولة». كفاية لزوجة عاد!
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 1861 - الأربعاء 10 أكتوبر 2007م الموافق 28 رمضان 1428هـ