العدد 1861 - الأربعاء 10 أكتوبر 2007م الموافق 28 رمضان 1428هـ

عرض مسرحي لرائعة محمود درويش «ذاكرة للنسيان» في رام الله

«حديد يعوي وحمى المعادن نشيد هذا الفجر».. عبارة كتبها الشاعر الفلسطيني محمود درويش في يوم من أيام شهر أغسطس/آب عام 1982 في لبنان.

أعاد عرض هذه العبارة تمثيلا ضمن عرض مسرحي لرائعة محمود درويش (ذاكرة للنسيان) الممثل والمخرج المسرحي الفلسطيني فرانسوا أبو سالم على مسرح وسينما القصبة في رام الله بالضفة الغربية.

يطل أبو سالم على جمهوره وسط ممر ضيق بين جدارين من القماش الأبيض وهو ممدد فوق عشرات الكتب المبعثرة في الممر ينفض الغبار عن جسده على خلفية أصوات انفجارات تهز المكان وليصرخ بعد ذلك قائلا «حديد يعوي وحمى المعادن نشيد هذا الفجر».

وقال أبو سالم بعد عرض مسرحي بطريقة مسرح المونودراما أو مسرح الممثل الواحد الذي تضمن مقاطع من (ذاكرة للنسيان) «لقد اخترت ذلك المقطع الإنساني من الكتاب الرائع والشيق ذاكرة للنسيان الذي يجسد ذلك الإنسان الذي يحاول أن يشغل نفسه بالتفكير في فنجان قهوة في وقت تتساقط فيه القذائف إلى جواره من البر والبحر والسماء».

وأضاف «اختيار ذاكرة للنسيان لتقديمها في عرض مسرحي كان بسبب وحدة المكان والزمان وهي نص نثري قريب على روح الناس.»

وكتب درويش (ذاكرة للنسيان) الذي يصفه البعض بأنه تجسيد لتلك المرحلة التي عاشها لبنان خلال فترة الاجتياح الإسرائيلي عام 1982 مع تفاصيل تلك المرحلة إضافة إلى أوضاع اللاجئين الفلسطينيين.

يسخر أبو سالم جسده للتعبير بطريقة تعطي النص المسرحي الذي أخرجه بالتعاون مع المخرج الفلسطيني عامر خليل الحياة ليعود بالجمهور إلى تلك الأيام، وقال «ذاكرة للنسيان لا تعني نسيان الماضي فهو لا يمكن نسيانه ولكنها دعوة لنسيان الألم كي تستمر الحياة.»

يقدّم أبو سالم الممثل والمخرج المسرحي العائد للإقامة في الأراضي الفلسطينية بعد خمسة عشر عاما من الغياب للعمل على تأسيس فريق مسرحي يساهم في الحركة المسرحية الفلسطينية بجيل جديد من المخرجين والممثلين هذا العمل كما قال «ليرى الناس الأمور على الواقع فكما قال درويش لا أرى ساحلا ولا أرى حمامة ونحن اليوم كذلك لا نرى ساحلا ولا نرى حمامة ولكن أريد للأمل أن يبقى.»

وأضاف يصف الواقع الفلسطيني «نحن الآنَ في مأزق صحيح ؛إننا قدّمنا وضحّينا ولدينا قدرات نحن لسنا منتصرين الآنَ يجب أنْ نكون صريحين مع أنفسنا.»

وتابع قائلا: «إن صنع فنجان قهوة وأنت تحت القصف والدمار قد يقودك من بيروت إلى حيفا.»

ومن الأوصاف التي يقدمها درويش لأيام الحرب تلك ويرويها أبو سالم «صرت أقيس المسافة الزمنية بين قذيفتين ثانية واحدة.. ثانية واحدة أقصر من المسافة بين الزفير والشهيق أقصر من المسافة بين دقتي قلب.. ثانية واحدة لا تكفي لأن أصب الماء في الغلاية ثانية واحدة لا تكفي لإشعال عود الثقاب.. ولكن ثانية واحدة تكفي لان أحترق.»

ويضيف صارخا «أريد رائحة القهوة أريد خمس دقائق.. أريد هدنة خمس دقائق من اجل القهوة لم يعد لي مطلب شخصي سوى إعداد فنجان قهوة.»

وينتقل الممثل بعد ذلك للحديث عن وصف الموت والجنازة التي يريد وأصناف الورد الذي يحب؛ ليكون هذا الوداع جميلا بعكس اللقاء.

ويستعرض أوضاع الفلسطينيين في لبنان قائلا: «من يحميهم لستم من هنا ... ممنوعون من العمل والمساواة مطالبون أن يصفقوا لقمعهم لأنه يوفر لهم نعمة الذاكرة... عليه أن يصاب بالسل كي لا ينسى أن له رئة... يمنع من التوطين كي لا ينسى فلسطين.»

وبعد عرض نصوص تتحدث عما جرى عند دخول القوات الإسرائيلية إلى لبنان وما كان له من استقبال من بعض اللبنانيين لينتقل بعد ذلك في وصف إلى حيفا إلى جبل الكرمل في وصف دقيق إلى ذلك المكان الذي كان يسكن يسير بك في شوارع حيفا وأزقتها يصعد بك درجات وينزل بك أخرى حتى يصل إلى ذلك البيت الذي يريد أن ينام على بلاطه ساعات.

ويختتم أبو سالم عرضه المسرحي الذي أقيم بدعم من المركز الثقافي الفرنسي في القدس ومؤسسة عبد المحسن قطان بالعبارة التي بدأ بها حديد يعوي وحمى المعادن نشيد هذا الفجر.

وقال أبو سالم انه يستعد في ربيع عام 2008 لتقديم مجموعة من العروض المسرحية في فرنسا وبلجيكا باللغة الفرنسية «سأعمل تماما مثلما عملت مع النص العربي سآخذ جزءا من النص الفرنسي الذي ترجمت إليه ذاكرة النسيان لأقدمها لجمهور فرنسا وبلجيكا.»

وسبق أْ عرضت هذه المسرحية في تونس بالإضافة إلى عروض في مدن نابلس والخليل بالضفة الغربية.

ويستعد أبو سالم لإنتاج عمل مسرحي جديد قال انه سيكون عن انطباعاته بعد خمسة عشر عاما من الغياب دون أن يعطي أية تفاصيل عن هذا العمل المسرحي الجديد.

العدد 1861 - الأربعاء 10 أكتوبر 2007م الموافق 28 رمضان 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً