أصدرت منظمة الشفافية الدولية حديثا تقريرها السنوي بشأن مدركات الفساد في 163 بلدا من بلدان العالم، وتركز محور هذا العام على الفساد في الجهاز القضائي.
للأسف فإن جمعية الشفافية غائبة تماما عن الحادث، في حين أن جمعية الاقتصاديين نظمت مشكورة ندوة شارك فيها النائب عبدالعزيز أبل والاقتصادي جعفر الصايغ والنائب السابق عبدالنبي سلمان.
ويأتي تقرير هذا العام وسط سلسلة من فضائح الفساد المالي والإداري في البلاد كشف النقاب عن بعضها في الشركات الكبرى إذ تمتلك حكومة البحرين غالبية أو جزءا كبيرا من أسهمها مثل طيران الخليج وألبا والحوض الجاف، هذه المرة كان تعليق كبار المسئولين، تأكيد عزمهم على اجتثاث الفساد ومساءلة المسئولين حتى لو كان وزيرا، ولكن لم تقترب التحقيقات حتى الآن من حواشي الوزراء، ويبدو أن المسألة تصطدم دائما بسقف لا يمكن اختراقه.
مؤشر مدركات الفساد
تصدر منظمة الشفافية الدولية كل عام جدولا يتضمن مراتب مختلف الدول حسب مؤشر مدركات الفساد استنادا إلى 10 نقاط كحد أعلى في مكافحة الفساد، إذ تحتل الدولة الأقرب إلى 10 نقاط المرتبة الأولى في مكافحة الفساد وثم تتدرج الدول من الأحسن وهي هذه السنة فنلندا وايسلندا والدنمارك وحازت على 9.6 من 10 فيما احتلت أذربيجان وبورندي ووسط إفريقيا وإثيوبيا أدنى مرتبة وحازت على 4.2 نقطة من 10 نقاط. وبالنسبة للدول العربية فقد احتلت الإمارات المرتبة الأولى عربيا والمرتبة 31 دوليا برصيد 6.2 ثم قطر بمرتبة 32 عالميا وبرصيد 6 نقاط، ثم البحرين بمرتبة 36 عالميا ورصيد 5.7 نقطة، ثم سلطنة عُمان بمرتبة 39 عالميا وبرصيد 5.4 نقطة ثم الأردن بمرتبة 40 عالميا ورصيد 5.3 نقطة.
تراجع مملكة البحرين
بالنسبة للبحرين فقد تراجعت ترتيبها الدولي من 26 في العام الماضي إلى 36 هذا العام وهو تراجع مخيف يستدعي الدراسة والمصارحة. ففي الوقت الذي احتلت فيه مملكة البحرين مراتب متقدمة في الحرية الاقتصادية، وحرية الاستثمار فإنها تتراجع في مكافحة الفساد وحرية الصحافة والحريات العامة مثلا. لكن هذه المؤشرات مرتبطة ببعضها بعضا. فلا يمكن الكشف عن الفساد في غياب صحافة حرة، ولا يمكن مكافحة الفساد في ظل تقييد الحريات العامة.
أما الجانب الآخر والذي أشار إليه عزيز أبل في ندوة جمعية الاقتصاديين بشأن الفساد فهو «أن البرلمان الحالي لا يستطيع أن يتصدى للفساد وذلك بسبب محدودية صلاحياته وبسبب عدم رغبة الحكومة في التعاون مع المجلس في هذا الصدد». وفي عودة لمعرفة كيفية احتسابه مدركات الفساد فإن واضعي التقرير في منظمة الشفافية الدولية يستندون إلى 12 مصدرا دوليا موثوقا يهتم كل منها بأحد مكونات مؤشر الفساد الكلي كما يأتي:
1 - البنك الدولي، ويهتم بتقييم السياسات والمؤسسات فيما يتعلق بالفساد وتضارب المصالح وتحويل الأموال وجهود الدولة في مكافحة الفساد، وهو موجه للدول التي تطلب تمويل البنك.
2 - وحدة الاستخبارات الاقتصادية (EIU) لندن وتهتم بتقييم خدمة مخاطر الدول فيما يتعلق بإساءة استخدام الموارد العامة للمصالح الخاصة.
3 - بيت الحرية (Freedom House) واشنطن ويهتم بالدول التي تمر في مرحلة انتقالية بين الحكم التسلطي إلى الحكم الديمقراطي فيما يتعلق بحرية التعبير والتنظيم والحريات المدنية.
4 و5 - مركز التنافسية الدولية (WCC) لوزان، سويسرا ويهتم بقضايا الرشوة والفساد الاقتصادي بما ينعكس على الأخطار الاستثمارية.
6 - المجموعة الدولية للتجارة (MIG) وتهتم بالفساد في الجهاز الحكومي بدءا بالوزير وانتهاء بصغار الموظفين.
7و8 - استشارات الأخطار السياسية الاقتصادية (PERC) وشمل الاستجواب مغتربين في أعمال تنفيذية ويرصد قوى درجة الفساد في البلدان التي يعملون بها.
9 - اللجنة الاقتصادية لإفريقيا،الأمم المتحدة، وتهتم برصد الفساد ومكافحته في السلطة التشريعية والسلطة القضائية والسلطة التنفيذية ومدى تحصيل الضرائب.
10و11 - المنتدى الاقتصادي العالمي (WEF) ويستطلع أراء اقتصاديين كبار بشأن مدى تنافسية بلدانهم في ضوء الفساد الناتج عن دفع مبالغ إضافية ورشاوى بمختلف الوظائف الحكومية.
12 - مركز أبحاث الأسواق العالمية (WMRC) ويرصد تقييم المخاطر في ضوء احتمال مواجهة الفساد البيروقراطي إلى الفساد السياسي.
تعتمد هذه المؤسسات أساليب متنوعة في الحصول على المعلومات الموثقة وتشمل:
1 - التقارير المرفوعة من قبل منظمات غير حكومية في البلد المعني فمثلا توجد في البحرين جمعية التنافسية وجمعية الشفافية وجمعيات لحقوق الإنسان.
2 - التقارير التي يضعها خبراء المنظمات الدولية مثل البنك الدولي والمنتدى الاقتصادي العالمي ووحدة الاستخبارات الاقتصادية لبلدان مختارة مثل البحرين.
3 - التقارير الصادرة عن المؤسسات الرسمية في البلد المعني مثل مجلس التخطيط الاقتصادي في البحرين والمصرف المركزي وديوان الرقابة المالية وغيره.
4 - التقارير التي تضعها المنظمات غير الحكومية سواء المحلية والإقليمية أو الدولية وكذلك الخبراء المستقلين.
5 - مسوحات الرأي الموجهة للخبراء والمسئولين الرسميين وغير الرسميين.
إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"العدد 1860 - الثلثاء 09 أكتوبر 2007م الموافق 27 رمضان 1428هـ