العدد 1859 - الإثنين 08 أكتوبر 2007م الموافق 26 رمضان 1428هـ

مجلس «إنقاذ» الأوقاف

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

مرة أخرى وأخرى أعود لموضوع الأوقاف (الجعفرية)، فهو ليس من المواضيع التي يمكن السكوت عليها، وخصوصا نحن ننتظر صدور التعيينات التي قد لا تأتي بمجلس إصلاحي بمعنى الكلمة، إذ سيكون نصفه من التشكيلة القديمة التي ما عاد بعضها يحسن حتى كتابة مقال يدافع عن نفسه ويتصور أن كل كلمةٍ أو انتقادٍ موجّهٌ لإسقاطه أو الإطاحة بـ «المجلس الشامخ» برمته، المنتهية ولايته أصلا منذ عشرة أشهر.

الأوقاف مسئولية دينية ووطنية كبرى، قبل أن تكون محاصصة فئوية أو تجاذبات سياسية أو استرضاء لبعض العوائل والأطراف. والأوقاف اليوم أمام مفترق طرق، إما أن تأتي التعيينات بأسماء إصلاحية فعلا، وإما أن يستمر الوضع المتردّي على ما هو عليه من تخبّط. و «بعض» الأسماء التي ألمحت إليها الصحافة لا تبشّر بالتغيير المأمول.

من هذا المنطلق، يحقّ للناس أن توجّه اللوم إلى من قدّم أسماء دون الطموح، من خلال عضويته بالمجلس الإسلامي الأعلى، وأن تحاسبهم غدا على كل ما سيحدث من استمرار للتجاوزات أو استغلال للموقع لتعزيز المصالح الشخصية، فالوضع لا يحتمل أن يصل شخصٌ متورّطٌ في قضايا «شقق مفروشة»، أو التعامل مع قضايا باتت تُصنَّف اليوم ضمن أنشطة «الاتجار بالبشر» غير المشروعة.

وفي الوقت نفسه لا يمكن غضّ النظر عن الموقف السلبي لبعض المؤسسات الدينية التي كان يُنتظر منها موقف أكثر إيجابية ومرونة في تسهيل عملية التغيير، بدل الإصرار على تشكيلة من طيف واحد لا يراعى فيها التعددية وحساسية الجهة الرسمية، بينما توافرت مثل هذه المرونة والواقعية في تسهيل عملية المشاركة السياسية في الانتخابات.

ودفعا للتهم الجاهزة، لست مرشّحا ولا أحدا من أقاربي وأصدقائي لمنصب في الأوقاف لكي أقرّب النار لقرصي، وليست لي عداوة شخصية مع أحد المسئولين السابقين أو اللاحقين، لكي لا يُحرَّف الموضوع باتجاه شخصي، وكل المطلوب إخراج هذه الإدارة من التجاذبات وتخليصها من حالة الشلل المزمن، لتلعب دورا إيجابيا في تنمية المجتمع والنهوض به، وفق ضوابط الشرع الحنيف. ففي الكويت ينظّم الوقف (الحديث نسبيا) مؤتمرات تحضرها شخصيات من عدة دول عربية، بينما في أوقافنا (التي أسست قبل ثمانين عاما) مازال مثل هذه الفكرة حلما مستحيلا، بسبب سيطرة فكرة «المؤامرة» وتربّص الأعداء الحاقدين «الذين خاب حقا رهانهم العاثر الخاسر»!

الإدارة بانتظارها مهمّات جديدة غير الانشغال بالدفاع عن الحمى الشخصي، فالأوقاف تشرف على عدد كبير من الوقفيات المخصّصة للمساجد والمآتم والخطباء وطلبة العلم الديني والكتب، فضلا عن الأوقاف المخصصة للذريات والفقراء المحتاجين، والشريحة الأخيرة في توسّع كما يعرف الجميع. فضلا عمّا يمكن طرحه من مشروعات ثقافية وتربوية وخطط تعليمية تعود على المجتمع بالخير العميم.

ثم ان الفكرة التي ينبغي مناقشتها تحت ضوء الشمس، للخلاص من قبضة التوازنات الفئوية والترضيات العائلية، من أجل تمثيل واقعي يحفظ مصالح المجتمع بمختلف تلاوينه، فهناك ما بين 70 و75 في المئة من الوقفيات خارج العاصمة، ما يقتضي النظر مستقبلا إلى ضرورة وجود نوع من الجمعية العمومية تمثّل هذا الكم الكبير من المآتم والمؤسسات والأفراد، لتكون لها كلمتها في انتخاب ممثلين يتمتعون بالسمعة الجيدة والإخلاص والكفاءة، والحريصين على مصلحة الوقف والمجتمع، بعيدا عن لعبة «الترضيات». والأوقاف أخيرا... بحاجة إلى «مجلس إنقاذ» وليس إلى «مجلس تصريف أعمال».

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1859 - الإثنين 08 أكتوبر 2007م الموافق 26 رمضان 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً