العدد 1859 - الإثنين 08 أكتوبر 2007م الموافق 26 رمضان 1428هـ

منتدى منظمة التجارة العالمية

جاسم حسين jasim.hussain [at] alwasatnews.com

شاركت في فعاليات منتدى منظمة التجارة العالمية للعام 2007 في مدينة جنيف بسويسرا في تاريخ 4 و 5 من الشهر الجاري. وبدا لي أني كنت البحريني الوحيد في المنتدى الذي حضره نحو 1750 فردا من مختلف بقاع العالم. وبحسب المدير العام لمنظمة التجارة العالمية، باسكال لامي الذي أعلن عدد المشاركين بكل فخر واعتزاز, فقد ضم الحضور برلمانيين ونقابيين وممثلين عن بعض القطاعات الاقتصادية وآخرين يمثلون مؤسسات المجتمع المدني وطلابا، وبحسب الفرنسي لامي شارك نحو 400 فرد فقط في أول منتدى عام للمنظمة في العام 2000. كما بيَّن المدير العام أنه وللمرة الأولى منذ انطلاق الحدث السنوي قبل 7 سنوات, قام ممثلون من مؤسسات المجتمع المدني بإعداد محاور المنتدى ربما للإيحاء بأن المنظمة قريبة من هموم الناس، فقد لوحظ تركيز أكثر من ورشة على أمور مثل ضرورة المحافظة على البيئة والتغيير في المناخ. وفر المنتدى 39 ورشة نقاشية فضلا عن الجلسة الافتتاحية. لا شك لم يكون بمقدور أي فرد المشاركة في كل الورش لكن ما يهم هو منح المشاركين فرصة حضور الحلقات التي تناسب رغباتهم.

الدخول مجانا

لم تفرض المنظمة أية رسوم للمشاركة في المنتدى بيد أنه كان المطلوب من أي شخص يرغب في المشاركة أن ينهي إجراءات التسجيل قبل يوم على الأقل من بدء الفعالية. وكانت التعليمات واضحة بأنه سوف لن يتم تسجيل أي فرد أثناء انعقاد المنتدى، واستمرارا للعرف السائد, لا تقدم المنظمة أية مساعدات لوجيستية فيما يخص التأشيرات أو حجز الفنادق، كما لا توفر المنظمة أية وجبات مجانا باستثناء حفل الاستقبال، في المقابل, توجد في مقر المنظمة الكثير من الأكشاك التي تبيع مختلف أنواع الوجبات الخفيفة وغيرها وبأسعار مدعومة.

من يخشى العولمة؟

انطلقت الفعاليات بكلمة عامة للمدير العام لمنظمة التجارة العالمية، باسكال لامي عن دور المنظمة في تعزيز التجارة بين الدول الأعضاء، كما شارك في الجلسة الافتتاحية كل من رئيسة جمهورية فنلندا (تارغا هالونين) ووزيرة خارجية ليبريا أولوبانكا كنغ أكيرلي إضافة إلى عميد كلية «لي كوان يو» للإدارة العامة بالجامعة الوطنية في سنغافورة، البروفيسور كشور مانهاباني. أكثر ما لفت نظري في الجلسة الافتتاحية هو ما جاء في مداخلة البروفيسور مانهاباني إذ اتهم الولايات المتحدة الأميركية من جهة والاتحاد الأوروبي من جهة أخرى بعرقلة جهود الوصول إلى حل نهائي وسعيد لجولة الدوحة لتحرير التجارة العالمية (انطلقت المفاوضات من العاصمة القطرية في العام 2001). وزعم محدثنا السنغافوري، الذي عمل ممثلا لبلاده في الأمم المتحدة لمدة 6 سنوات، أن القوتين الاقتصاديتين على جانبي المحيط الأطلسي غير قادرتين على مواجهة الاقتصادات الكبيرة النامية وخصوصا الصين والهند والبرازيل. ورأى محدثنا أن الدول التي كانت حتى الأمس القريب تبشر بفوائد العولمة، أي إزالة القيود بين الدول، هي من تقف حجر عثرة أمام التجارة لسبب جوهري وهو عدم قدرتها على مواجهة المارد الآسيوي تحديدا.

اتفاقات التجارة الحرة

من بين جملة الأمور, احتدم النقاش في إحدى ورش العمل بشأن شيوع ظاهرة اتفاقات التجارة الحرة أو اتفاقات التجارة التفضيلية (وهي التسمية المحببة لدى منظمة التجارة العالمية). المعروف أن المنظمة لا تشجع مثل هذه الاتفاقات لأنها تتناقض وروح الاتفاقات المتعددة الأطراف. وقد بذل البروفيسور فينود أغراوال من جامعة كاليفورنيا (بيركلي) جهودا مضنية لإقناع الحضور بخطورة هذه الاتفاقات محذرا أنها ربما تكون السبب في انهيار مفاوضات جولة الدوحة. ورأى أن الاقتصادات الكبيرة ومن بينها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي واليابان واستراليا بدأت تميل إلى الاتفاقات الثنائية والإقليمية لأن بمقدورها فرض شروطها على الاقتصادات الصغيرة نسبيا بطريقة أو أخرى. ومرد ذلك حاجة بعض الدول الصغيرة إلى الانفتاح على الأسواق الكبرى وخصوصا أميركا لمساعدتها على القضاء على بعض مشكلاتها الاقتصادية.

حقوق العمالة الوافدة

من جهة أخرى, تداخلت في إحدى الورش التي خصصت لمناقشة موضوع انتقال العمالة الأجنبية. وقررت التصدي لمتحدث من جنوب آسيا (الهند تحديدا) الذي طالب بمنح العمالة الأجنبية حرية الانتقال بين الدول. ورأى براناف كومار أن الهند تجذب 7 مليارات دولار سنويّا على شكل استثمارات أجنبية مباشرة مقابل 24 مليار دولار قيمة التحويلات من العمالة الهندية المنتشرة في العالم، وعلى هذا الأساس رأى كومار أن مصلحة الهند تقتضي حصول عمالتها على حرية الانتقال لأن ذلك سيساهم في حصول بلاده على العملات الصعبة. بدوري زعمت في مداخلتي أن هذه النظرة لا تراعي مصالح الدول المستقطبة للعمالة, فشرحت كيف أن بعض دول مجلس التعاون قررت منح الأجانب حرية تملك العقارات لغرض تشجيعهم على الاستثمار المحلي بدلا من إرسال الأموال إلى الخارج. في المقابل, ساهمت هذه السياسة في إذكاء مشكلة التضخم في المنطقة بسبب ارتفاع الطلب. وفي رده نصح كومار دول مجلس التعاون بوضع شروط على الأموال المرسلة. لكنني اعترضت على هذا الكلام بدعوى وجود سياسة اقتصادية متأصلة وصحيحة تمنح الجميع حرية إرسال الأموال إلى الخارج. أما آخر ما ذكره كومار فهو أن دول مجلس التعاون غير قادرة على استقطاب العمالة الهندية الماهرة بسبب تشدد قوانين الهجرة والحصول على الجنسية. واختتم حديثه بالقول إن دول المنطقة تستقطب في الغالب العمالة الهندية غير الماهرة وشبه الماهرة.

مواجهة التضخم

من جهة أخرى, تداخل توماس هارس من «ستاندراد تشارترد بنك» ورأى أن الهند غير قادرة على جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة بسبب سياستها الاقتصادية التي تضع شروطا قاسية على المستثمرين الأجانب فضلا عن تباين المواقف الاقتصادية للأحزاب السياسية. والتفت هارس إليَّ قائلا إذا كانت دول مجلس التعاون جادة في مواجهة التضخم فعليها فك ارتباط عملاتها الوطنية بالدولار الأميركي, مشيدا بتجربة الكويت في ربط عملتها بسلة عملات دولية تشمل الدولار واليورو والين. ختاما نلفت عناية قراء عمودنا إلى أنه ومنذ شهر أكتوبر/ تشرين الأول ارتأينا الاكتفاء بكتابة مقالين في الأسبوع (الثلثاء والجمعة) بسبب ضغوط العمل البرلماني.

إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"

العدد 1859 - الإثنين 08 أكتوبر 2007م الموافق 26 رمضان 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً