نشر الأسبوع الماضي بعض الأسماء المرشّحة لإدارة الأوقاف (الجعفرية)، فيما اعتبر نوعا من جسّ النبض، تمهيدا لاتخاذ قرار التعيين في وقت قريب.
وعلى أمل أنّ الفرصة لم تفت بعد، حتى لو كنّا في الوقت الضائع، نطرح بعض الملاحظات من باب المسئولية الاجتماعية أو الدينية.. أو الوطنية، سمّها ما شئت.
قائمة الأسماء ليست كاملة ولا نهائية، ولأننا أمام إدارةٍ منتهَكَةٍ، كشف عنها رجلٌ إداري دخلها لعدة أشهر، وخرج ليعلن للصحافة ما يجري فيها من تجاوزات، مستندا على ما لديه من وثائق ومستمسكات. لذلك فإن أحوج ما تحتاج إليه الأوقاف هو استعادة الثقة المتدهورة بين الناس.
من أكبر الإشكالات التي لم تقدّم عليها الأوقاف جوابا، هو أنّ بعض مسئولي الأوقاف لديهم استثمارات ومصالح في الأوقاف نفسها، و”أبلغ” رد على هذا الإشكال قرأته في نشرة “منبر الأوقاف” (تصدرها العلاقات العامّة)، عدد يوليو، منتقدا “المحاولات اليائسة” التي تستهدف الإضرار بإدارة الأوقاف ومسئوليها... وما ينشرونه بالمانشيت العريض من تشويهات وافتراءات”! ويهنيء الكاتب ويشدّ على عضد زملائه الذين أداروا ظهورهم لهؤلاء (الصحافيين) طوال تلك الفترة وما شابها من عداء سافر غير حميد”! وهو ردٌ انفعاليٌ متهافتٌ لا ينفي تهمة ولا يبرئ ذمة.
الرأي الذي يفترض أنْ يمثل مجلس الإدارة، هو تكثيفٌ شديدٌ لأزمة الأوقاف، فهو يعرّض بمن يعتقدون بـ “سرعة رحيل مجلسنا الشامخ تحت وقع تخبّطهم وأمانيهم بزحزحته من موقعه، ومن ثم وأده في مهده والقضاء عليه في ذاته وكيانه”! وهو ردٌ يمثل العقلية القديمة التي سيتم إعادة انتخاب نصف أعضاء المجلس الجديد من بينها، وبالتالي يؤكّد مخاوفنا من استمرار ضياع وتخبّط الأوقاف.
الإشكال نفسه سيتكرّر مع بعض الأسماء الجديدة، وأؤكّد على كلمة “بعض”، فهناك معلومات مؤكّدة أنّ البعض تربطه مصالح واستثمارات مع الأوقاف، وأحدها كان وراء محاولة شقّ طريق وسط مقبرة بإحدى قرى الشمالية لتسهيل الوصول إلى “مجمع” يستأجره من الأوقاف. هذا الوضع سيضمن تكرار المشكلات والإشكالات مع المجلس الجديد، وستجد الصحافة نفسها مضطرّة بعد حين للاصطدام بالعقلية الأنانية المتقوقعة حول مصالحها الشخصية، تحت شعار “إنهم يستهدفوننا في المانشيتات”، خصوصا إذا كان هناك متورّطون في قضايا “شقق مفروشة” والعياذ بالله!
وللحقيقة والإنصاف، هناك أسماء من بين المرشّحين الجدد، تتمتع بنظافة اليد والإخلاص والسمعة الجيّدة والكفاءة الإدارية، يسندها النجاح في أعماله التجارية الخاصة، لكن قضية العطاء للأوقاف ربما يكون أمرا آخر بسبب عامل التفرغ.
هناك أمر آخر يتعلّق بتقاليد هذه المؤسسة وأعرافها، إذ يُراعى في التعيين جانب “التوازنات” و”الترضيات” في حدود العاصمة وحدَها، وهي سياسة تسقط من حسابها ثقل الضواحي والقرى، التي تحتوي على الجزء الأكبر من الوقفيات. وهذه المناطق “المهملة” لها ثقل وحضور ديني بارز حتى على مستوى شعبية مآتم ومواكب العاصمة، خصوصا بعدما آلت إليه المنامة من إفراغ 80 بالمئة من أبنائها الأوائل لصالح العمالة الآسيوية خلال العقدين الأخيرين.
هذا العامل المستجد، يفترض إعادة النظر في تمثيل المناطق الأخرى بالأوقاف، بما يحفظ مصالحها، ويتيح الفرصة للكفاءات من أبناء المحافظات الأخرى للعمل بالأوقاف، إن على مستوى جمعية عمومية أو مجلس إداري. العالم تغيّر، والأوقاف بحاجة إلى تغيير وإصلاح، والبلد زاخر بالكفاءات المخلصة والنظيفة، فلماذا الإصرار على إعادة تدوير الشخصيات التي بلغت سن التقاعد، وإعادة تدوير مشاكلها معنا ومع الأوقاف؟
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 1858 - الأحد 07 أكتوبر 2007م الموافق 25 رمضان 1428هـ