على أيّ صورة من صور الصراع المجتمعي تقف عجلة السياسة في البحرين؟، وفي أيّ منطقة تتجاذب القوى؟، وهل كان الخروج من مأزق المقاطعة «السياسي» ضروريا أو ذا منفعة حقيقية قبالة المأزق الجديد «الطائفي».
حين انتقلنا من مأزقنا «السياسي» الذي كنّا نستطيع أنْ نتحكّم فيه، وأنْ نوجهه، كنّا نعتقد بأننا سنتعطل في لعبة المجلس النيابي وفق ثنائية «السلطة» و«المعارضة» لكن الذي حدث، هو أننا أصبحنا جميعا، وبمعية السلطة والجمعيات السياسية والمؤسسات التشريعية والصحافة أطرافا في مأزق طائفي، لا يبدو أنّ أحدا منّا بريء منه.
الدحرجة الي انتجتها انتخابات المجلس النيابي نهاية العام الماضي صيّرت الجميع في البحرين أمام أزمة لا علاقة لها بالمشروع الإصلاحي، أو بما كان يجب أنْ يكون في أيّ عملية سياسية لأي مجتمع يطمح لإنجاز تجربة ديمقراطية حقيقية. الظاهر لنا، والذي لا يقر به أحد، هو أنّ بوصلة «التجربة» انحرفت عن مسارها. وهذا الشاغل الطائفي الذي يعصف بالبحرين لم يكن كنه نص ميثاق العمل الوطني ولا روحه ولا طموحاته، فمن ألقى بهذا الحجر المسموم في البئر؟!
لم تكن صراعات السياسة في البحرين سنوات المقاطعة - رغم حدتها - خارج نطاق أيّ صراع قد يحدث في أية تجربة إصلاحية وليدة، الجديد الخارج عن السياق فعلا هو هذا الإستيراد النزق لـ «السيء» من تجارب الجوار على اختلاف ألعاب التوظيف السياسية، السنية منها والشيعية على حد سواء.
إنّ الذي لا يقل عن أنْ يكون مخيفا، هو أنّ أصوات «العقلاء» أصبحت نشازا في جوقتنا، وأنّ مناشدات التعقل والحث على العودة للطريق ليست أكثر من مطارحات تصدر عن بعض «المجمّدين» على الطريق في انتظار أنْ تعود جميع الأطراف للجادة الصحيحة. والذي يخيف أكثر، أنّ اعتزال الفهم في السياسة بات «موضة» العام الجديدة، فلا أحد يفهم، إلى أين تسير بنا هذه الفرقة الموسيقية النشاز؟
الحجر الذي سمم بئرنا ليس طرفا واحدا من مجموع الفرقاء السياسيين بعينه، فجميعنا ساهم ويساهم في إلقاء المزيد من الحجارة، والناس تشرب من سم الساسة ومنظري الصحافة على هاجس طبابة «العطارة» و«العلاجات السحرية» إلا أنّ أحدا لا يطيب، أو يشفى.
طريقنا المعطلة، وعشوائية المسير في صحراء الطائفية لا تحتاجان لمجرد دعوة «تصالح» أو «مصالحة» بين السياسيين. أو لميثاق شرف بين الصحافيين فحسب، نحتاج أنْ نرى/ نفهم/ نقتنع/ نتصارح بالأذية التي جنيناها جميعا بحق الناس، عندها نكون صادقين، ونكون أقدر على تصحيح ما اقترفت أيدينا وكلماتنا من أخطاء.
إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"العدد 1858 - الأحد 07 أكتوبر 2007م الموافق 25 رمضان 1428هـ