العدد 1857 - السبت 06 أكتوبر 2007م الموافق 24 رمضان 1428هـ

سويسرا وجدوى الاستثمارات الأخلاقية

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

استعادت المصارف السويسرية المتوسطة الحجم عافيتها، ويعود الفضل في ذلك بالدرجة الأولى إلى التحولات الاستراتيجية أكثر من الظروف الاقتصادية السائدة، بحسب تقدير الخبراء. فقد استطاعت مؤسسات مالية مثل يوليوس بير (Julius Baer)، وفونتوبل(Vontobel)، وسارازان (Bank Sarasin & Co. Ltd) إلى جانبهم المؤسسة الجديدة إي_إف_جي « EFG» جني ثمار التوسع الدولي الشرس في الأسواق الصاعدة.

وعاد قطاع المصارف المتوسطة للانتعاش من جديد منذ الانهيار في المضاربات المالية المعروف بـ «دوت كوم» في العامين 2001 و 2002. ويشير التقييم المالي النصف سنوي الحالي، إلى أن القطاع يعرف صحة جيدة. فقد أشار مصرف فونتوبل الى أنه حقق تحسنا في أرباحه الصافية للعام 2006 بنسبة 27 في المئة (168,4 مليون فرنك سويسري)، بينما سجل مصرف يوليوس بير نموا بنسبة 28 في المئة (518 مليون فرنك سويسري)، في الوقت الذي سجل فيه مصرفا سارازان و EFG نموا تجاوز 50 في المئة ( 101و 158 مليون فرنك سويسري لكل منهما على التوالي).

ويترافق هذا الانتعاش المصرفي مع تعاف شامل يشهده الاقتصاد السويسري. فمن المنتظر أن يرتفع إجمالي الناتج الداخلي السويسري هذا العام بنسبة 2 في المئة، بحسب أحدث توقعات كتابة الدولة للشئون الاقتصادية، التي تكهّنت إلى حد الآن بألاّ تتجاوز النسبة 1,7 في المئة. وكتابة الدولة للشئون الاقتصادية هي بمثابة مركز الخبرات للحكومة الفيدرالية، فيما يتعلق بالقضايا الرئيسية للسياسة الاقتصادية.

يتمثل هدف كتابة الدولة في توفير ظروف قانونية وترتيبية وسياسية اقتصادية من أجل أن ينمو الاقتصاد ويتمكّن الجميع من الاستفادة، مهمة أخرى لكتابة الدولة للشئون الاقتصادية تتمثل في تعزيز القدرة التنافسية في الساحة الاقتصادية السويسرية وضمان دخول المنتجات والخدمات السويسرية إلى جميع الأسواق في العالم، كما تهتم كتابة الدولة بالتعاون الاقتصادي بين الكنفدرالية والبلدان السائرة في طريق النمو. فعلى إثر استمرار التوجهات الجيدة للاقتصاد الدولي ونتيجة لظرف اقتصادي داخلي متين، أبدت مجموعة الخبراء العاملة في كتابة الدولة مزيدا من التفاؤل مقارنة بما جاء في تكهناتها السابقة. وكانت تقديرات أولية نُشرت يوم 6 مارس / آذار الماضي أشارت إلى أن إجمالي الناتج الداخلي ارتفع (بالقيمة الحقيقية) بنسبة 2,7 في المئة، ومع أن وتيرة النموّ تباطأت قليلا خلال الربع الثاني من العام 2006، إلا أن الحصيلة تظل عموما إيجابية جدا بالنسبة إلى كامل السنة. ما يثير الاستغراب أن هذه الحال الصحية للاقتصاد السويسري تسير جنبا إلى جنب مع تنامي نزعة توجيه الأموال نحو مشروعات في «الاستثمارات الأخلاقية»، إذ يشير تقرير حديث إلى أن كبار مديري الثروات في سويسرا اتجهوا منذ فترة إلى الأخذ في الاعتبار حماية البيئة والتنمية المستديمة في استثماراتهم.

وتتعزز في سويسرا ظاهرة الاستثمارات المستديمة، التي تستجيب لمقاييس اجتماعية وبيئية، إذ ارتفع حجمها الإجمالي بنسبة 240 في المئة على مدى السنوات الخمس الأخيرة ليصل إلى 10.6 مليار فرنك سويسري في العام 2005. هذه المعلومات كشفت عنها دراسة أنجزتها مؤسسة إيتوس ETHOS وشركة سام SAM لإدارة الثروات وسويسكانتو SWISSCANTO ومصرف سارازان وبنك يو بي ايس ومصرف كانتون زيوريخ، ونُـشرت يوم 18 إبريل / نيسان الماضي.

وتشير الدراسة التي أجريت على 19 مؤسسة مالية توفّر هذه النوعية من الاستثمارات إلى أن النتائج التي حققتها ليست أقل مردودية من الاستثمارات التقليدية. وتوصلت الدراسة إلى أن المستثمرين أصبحوا أكثر وعيا بأنه من مصلحتهم منح الأولوية إلى التصرف الرشيد في المؤسسة وإلى احترام المقاييس البيئية والاجتماعية. لذلك، وُضعت 77 في المئة من الاستثمارات المستديمة في سويسرا في أسهم و12 في المئة منها في سندات و4 في المئة في شركات غير مسجلة في السوق المالية، وفي غير ذلك. ويوضّح إيفو كنوبفل، مدير شركة «ON Values» الاستشارية المتخصصة في الاستثمارات الأخلاقية، أن «المستثمرين بصدد استيعاب أبعاد العولمة، وفهم أن بعض الحقائق القائمة، كالتغييرات المناخية يمكن أن تكون لها انعكاسات هائلة على بعض القطاعات الاقتصادية، لذلك، بدأوا - من دون ضجيج - في أخذ هذه العوامل في الاعتبار». وعلى رغم هذا التطور المسجل، تظل الاستثمارات المستديمة في مستوى منخفض، فهي لا تتجاوز 1في المئة من إجمالي المبالغ المستثمرة في مجال إدارة الثروات، أي مجرد قطرة في محيط الاستثمارات في سويسرا.

في المقابل، قد يكون هذا الرقم (1في المئة) أقل من الواقع، إذ يعتقد إيفو كنوبفل أن الإحصاءات الرسمية متشائمة جدا، لأنها لا تأخذ في الاعتبار إلا الصناديق الاستثمارية المتخصصة، التي تُـعلن بنفسها أنها مستديمة.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 1857 - السبت 06 أكتوبر 2007م الموافق 24 رمضان 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً