في الدورة 110 للكونغرس الأميركي، وفي الجلسة الأولى تحت قرار رقم ( H. RES. 635) أقر الكونغرس ببداية شهر رمضان، وقدر للمسلمين في الولايات المتحدة وفي أنحاء العالم إيمانهم بدينهم، كما وافق الكونغرس بإجماع الأصوات على قرار يعتبر الإسلام ديانة عالمية كبرى.
هذا التوجه الرسمي الأميركي الإيجابي من الإسلام يعكس، إلى حد بعيد، شيئا من النظرة التي بدأت تسود صفوف الشعب الأميركي من الإسلام، فقد كشفت إحصاية أصدرها مركز بيو (PEW) الأميركي للأبحاث - الذي يعد أحد أشهر مراكز قياس توجهات الرأي العام الأميركي - في أواخر شهر يوليو/ تموز 2007 وقوع تحسن طفيف، ولكنه مشجع في موقف الرأي العام الأميركي من الإسلام خلال العامين الماضيين، إذ تراجعت نسبة الأميركيين الذين يعتقدون أن الإسلام يحض على العنف من 44 في المئة في يوليو 2003 إلى 36 في المئة في يوليو 2007.
وخلال الفترة نفسها زادت نسبة الأميركيين الذين ينظرون إلى مسلمي أميركا نظرة إيجابية من 51 في المئة إلى 55 في المئة، كما زادت نسبة الأميركيين الذين يشعرون بتقارب الإسلام كديانة من دياناتهم، في الوقت الذي ثبتت خلاله تقريبا نسبة الأميركيين الذين ينظرون الى الإسلام عموما نظرة سلبية لتقف حول نسبة 40 في المئة من الشعب الأميركي، وهي من دون شك نسبة مرتفعة.
ما يدعو إلى التفاؤل في هذه الظروف أمران أساسيان، الأمر الأول هو أن وجهة نظر المواطن الأميركي تجاه الإسلام قابلة للتغيير كما أظهرت الإحصاءات السابقة، أما الأمر الثاني فهو العلاقة الإيجابية بين مستوى معرفة المواطن الأميركي بالإسلام ونظرته الإيجابية تجاهه.
كما وجد الاستطلاع أن أضعف نسب التعاطف مع الإسلام ومساندته توجد بين عدة فئات رئيسية من الشعب الأميركي، الفئة الأولى هي الإنجليكيون المتدينون (21 في المئة منهم فقط يساندون الإسلام)، والفئة الثانية هي فئة الأميركيين ممن تفوق أعمارهم 65 عاما (25 في المئة)، أما الفئة الثالثة فهي قطاع الأميركيين غير الحاصلين على تعليم جامعي (28 في المئة).
كما وجد الإحصاء أن أصحاب التوجه السياسي اليميني أكثر قابلية بشكل مطرد للنظر سلبيا نحو الإسلام مقارنة بأصحاب التوجه الليبرالي.
وعندما قارن الإحصاء بين مستوى معرفة المواطن الأميركي وموقفه من الإسلام وجد أن هناك علاقة واضحة وإيجابية بين طرفي المعادلة السابقة، فعلى سبيل المثال وجد الاستطلاع أن 24 في المئة فقط من قليلي المعرفة بالإسلام يمتلكون توجهات إيجابية نحوه، في حين تتضاعف هذه النسبة تقريبا لتصل إلى 49 في المئة في أوساط من يمتلكون معرفة جيدة بالإسلام.
وردا على سؤال عن مدى التقارب بين الإسلام والديانات الأميركية الأخرى، ذكر 44 في المئة من أصحاب المعرفة الجيدة بالإسلام أن الإسلام قريب من دياناتهم، في حين لم تتعد هذه النسبة في أوساط قليلي المعرفة بالإسلام نسبة 12 في المئة فقط.
وتشير إحصائية أخرى نشرها موقع هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) إلى أن عدد المسلمين في أميركا يصل إلى 8 ملايين في هذا البلد البالغ عدد سكانه نحو 300 مليون نسمة. ويبدو أن هذه الكتلة الإسلامية بدأت تمارس تأثيرا ملحوظا في السياسة الداخلية الأميركية. تذهب إلى مثل هذا القول صحيفة «الإندبندنت» البريطانية التي تؤكد أنه مع حلول العام 2010م فإن نسبة المسلمين ستشهد ازديادا مطردا يفوق عدد اليهود، موضحة أن الإحصاءات التي تقدمها المؤسسات اليهودية والإسلامية في الولايات المتحدة تشير إلى أن نقطة التقارب العددي قد حدثت فعلا، إذ تقول كل جالية إن عدد أفرادها ستة ملايين نسمة. وعلى رغم أن دائرة الإحصاءات الأميركية لا تدرج الدين ضمن إحصاءاتها، إلا أن المسئولين الأميركيين بدأوا يدركون التغيرات الديمغرافية في أوساط الأقليات الدينية والعرقية.
ونقلت الصحيفة عن إحدى المشرفات في دائرة الإحصاءات الأميركية قولها: «إن على العرب في أميركا أن يدركوا ضرورة استغلال قوتهم العددية من خلال عملهم على تشكيل هوية إسلامية أميركية محلية وليست وافدة، وذلك خلال المشاركة بالتعداد السكاني».
مجلة «نيوزويك» الأميركية، من جانب آخر، وفي الاتجاه ذاته ترى أن المسلمين الأميركيين بدأوا يمثلون قوة انتخابية واقتصادية كبيرة يجب أن تؤخذ في الحسبان، وتوقعت التقارير أن تعملَ الاختلافاتُ السياسية في أوساط اليهود، وانحدارُ قوتهم العددية أمام تزايد المسلمين على إضعافِ «اللوبي اليهودي» الذي طالما تباهى اليهود بقوته، واحتمال بروز لوبي إسلامي منافس.
بقي أن تعرف أنه منذ أواخر الثمانينات وبداية التسعينات من القرن الماضي، بدأ مسلمو أميركا مرحلة تأسيس مؤسساتهم السياسية والإعلامية، إذ تأسست المؤسسات السياسية المسلمة الأميركية الأربع الكبرى وهي:
1 - مجلس الشئون العامة الإسلامية (MPCA) الذي تأسس العام 1988م.
2 - المجلس الإسلامي الأميركي (AMC) الذي تأسس العام 1990م.
3 - مجلس العلاقات الإسلامية الأميركية (CAIR) الذي تأسس العام 1994م.
4 - التحالف الإسلامي الأميركي (AMA) الذي تأسس العام 1994م.
وفي العام 2000م، أَسَّست تلك المؤسسات مجتمِعة المجلسَ الإسلامي الأميركي للتنسيق السياسي (AMPCC)؛ لكي يقوم بمهمة التنسيق بين نشاطات المؤسسات الأربع السياسية.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 1856 - الجمعة 05 أكتوبر 2007م الموافق 23 رمضان 1428هـ