مع قرب انتهاء شهر رمضان المبارك، تلفظ معظم المسلسلات الرمضانية أنفاسها الأخيرة، ويصبح بإمكان المشاهد العربي أن يقيم أيّها كان ناجحا وأيّها كان ضعيفا وأيّها كان فاشلا... والحق يقال إن بعضها كان فاشلا بكل ما تحمله الكلمة من معنى.

العمل التلفزيوني إذا كان خاليا من رسالة هادفة فإنه إما أن يكون مضيعة للوقت وبالتالي يفقد قيمته الإعلامية، وإما أن يكون عملا يعتمد على المجون و «الخرابيط» وما أكثر من يجري وراء الأجساد، وربما يستطيع بهذه الطريقة تحقيق نجاحات كبيرة حتى على حساب الأعمال الهادفة التي تحمل في طيات حلقاتها المتواصلة رسالة حقيقية تعكس واقع وهموم المجتمع العربي.

وكالعادة أطلّت علينا الشاشة الخليجية بمجموعة كبيرة من المسلسلات، ومن دون إفراط ولا تفريط كان بعضها ناجحا بكل المقاييس، وبالإمكان تمييز هذه المسلسلات من بين تلك الأعمال التي تضعها بعض الشاشات لملء الفراغ التلفزيوني.

المشكلة أن الأخطاء تتكرر عاما بعد عام، وتصرّ بعض الأعمال على عكس الصورة السلبية عن الخليجيين والعرب، فلا همّ لهم في الحياة سوى «الفلوس» ولا حياة لهم إلا بالمجون، ولا قرار لهم إلا بالنساء، وكأن الحياة عندهم «بصرة» لا تكتمل إلا بضرب النساء تارة، ومعاقرة المحرمات تارة أخرى! تلك المسلسلات التي تحمل أفكارا رخيصة لم يتعب الكاتبون والمخرجون فيها أنفسهم عناء صوغ ولو فكر هابط جديد، وكأن المسلسل لا تكتمل حلقاته إلا بموت والد البطل وعمه وخاله وأمه وزوجته، واحتراق ابنه ودهس ابنته، حتى إن الدموع الغزيرة جفت من مآقي الممثلين من كثرة النياح والعويل، بل إن بعض الممثلين تحوّلوا إلى «نوّاحين» حتى في حياتهم العادية!

ولعلّ الشيء الإيجابي في هذه الأعمال أنها لم تعد تؤثر في بعض المشاهدين، فلا يمكن أن يتأثر المشاهد بالقصة نفسها والحوادث المتكررة في كل عام، وإذا كان جميع من يعمل في هذا المسلسل سيموتون أو يمرضون أو يدخلون مستشفى «المجانين» فلا داعي لمشاهدتها، أو على الأقل لن يكون هناك داع للتأثر منها... والخطأ الآخر الذي تقع فيه بعض الأعمال هو توظيف الشخوص غير المناسبة في الموقع المناسب، أو لا يمكن أن نرمي كل الصفات الحميدة الخيالية في بطلة تحمل هي فقط الكرم والشجاعة والجرأة والجمال وجميع الرجال يلاحقونها وهي «ما تعطي وجه»؛ لأنها باختصار إنسانة كاملة في كل شيء! رحم الله مسلسلات أيام زمان...