حلوة لعبة المال والاستهبال... خصوصا أمام شعبٍ يقرأ ويتابع، ويفصفص ما يُقال!
على مدار ست سنوات، كانت كلّ قضيةٍ مهمّة تطرحها القوى والجمعيات الوطنية السياسية، كانت هناك كتيبة من «المتطوّعين» تتولّى الرد عليها بدلا من الحكومة!
من أبرز هذه القضايا، التجنيس والتمييز والفساد المالي والإداري، والواسطة والمحسوبيات، وتمكين بعض الأطراف مقابل شراء ولائها السياسي، وما يجري في وزارة التربية والتعليم من سياسات تنخر في عصب اللحمة الوطنية وتدمر النسيج الاجتماعي. كلّ هذه القضايا الكبرى التي تحتاج إلى مصارحةٍ ومكاشفةٍ وإحساسٍ بالمسئولية، تحوّلها هذه الكتيبة إلى أدلةٍ قاطعةٍ على الولاء للخارج وكراهية النظام والوطن!
إحدى المشكلات التي تنخر في بلدنا «التمييز»، وهو أمرٌ يعرفه الجميع، وطالما حذرت منه القوى السياسية غير المتلوّثة بالمال السياسي. ومع ذلك تقوم هذه الكتيبة بالتشويش على هذه المعالجات ومصادرة هذه الاجتهادات، فقبل عقد ندوة «التمييز والقمْع الطائفي... واقعٌ ممنهج»، استقبلوه بالتنظير و»الفتاوى» بضرورة تغيير المسمّى، من أجل تحصيل وفاق وطني على مناقشة هذه القضية! فكلمة «تمييز» تجرح شعور بعض مَنْ يمارسون التمييز، ولا يجوز أنْ نلحق بنفسياتهم الرومانسية الرقيقة هذا القدر من الأذى مهما يكن محدودا!
في تلك الفترة، أفتت إحداهنّ بأنّ طرح هذا الملف غير موفّق بالمرّة، وكان المفروض أنْ يناقشوا بدل ذلك قضية التقرير المالي للعام 2007، لأنّ فيه فضايح يشيب لها الولدان! وفيه قصص وحكايات، وروايات وأرقام، و(شوله امعورين راسكم مع التمييز)! شوفوا لكم دبرة، يمكن تحصلون على كم مليون للميزانية لرفع مخصّصات الإسكان!
الجماعة مو هبلان ولا مغفلين. خلّهم يحاولون... ولكنهم يعرفون تماما ومسبقـا، أنّ المال عديل الروح، وإيّاكم ثم إيّاكم تفكّرون في الفلوس! كلّ شيء إلاّ الفلوس! ترى إحنه محترمينكم، فالزموا حدودكم واحترموا أنفسكم وصيروا أوادم عاد!
اليوم... توهم متنبهين للتجنيس، الذي بحّت أصوات الجمعيات السياسية من التحذير من عواقبه منذ ست سنوات. اليوم عندما اختطف فتى بحريني بريء وتعرّض لانتهاك إنسانيته بهذه الصورة الشنيعة، الآنَ أصبح التجنيس لاشا، أمّا من قبل فكلّ من يتكلّم منبّهـا ومذكّرا، يصبح لعنة ملعون!
ثم إنّ قضية الأمراض المعدية ليست جديدة حتى ترتاعوا بهذه الصورة، فهذا الكلام نعرفه من أطباء المراكز الصحية منذ أربعة أعوام، ونعرف أنّ أمراضا تم القضاء عليها قبل عقدين، وسجّلنا مراكز متقدّمة في إحصاءات منظمة الصحة العالمية في هذا المجال، ولكن هذه الأمراض عادت للظهور تزامنـا مع اتساع موجات التجنيس.
البحرينيون ليسوا عنصريين، ولا يحملون عقدة اضطهاد أو احتقار لأحد، ولكن ما يحدث أمرٌ طبيعي وتحصيلُ حاصل، فحين نفتح الأبواب للتجنيس الواسع بأعدادٍ كبيرةٍ من بيئات مستوى الوعي الصحي والخدمات الأوّلية فيها متدنية، فلا نلومنّ إلاّ أنفسنا. وليس هناك أسرارٌ لمَنْ يريد أنْ يفهم، ففي المراكز الصحية سُجّلت حالات إصابة بالشلل والحصبة لدى الأطفال، بعد أنْ كانت من الماضي. وهناك حالات إصابة بالملاريا أيضا (اطمئنوا... فهو لا يعدي كالتهاب الكبد الوبائي الذي أرعبكم)!
والمطلوب... أن لا نتدارك هذا الخازوق، وإنّما نصرف الأنظار عن القضية والتشويش عليها على طريقة: لماذا لا تناقشوا التقرير المالي! وكأنّ مناقشة فضائح التقرير المالي سيرجع المدينة الشمالية أو يخفّف ألم الخازوق! بالمناسبة... هل تعرفون معنى الخوازيق؟
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 2272 - الإثنين 24 نوفمبر 2008م الموافق 25 ذي القعدة 1429هـ