أعلنت وزارة المالية في دولة الإمارات عن مباشرة الإجراءات الرسمية نحو دمج شركتي «أملاك للتمويل» و «تمويل» الرائدتين بتوفير التمويل العقاري في دولة الإمارات، والمتوافقتين مع الشريعة الإسلامية، في إطار «المصرف العقاري» لتقوما بإنشاء أكبر مؤسسة للتمويل العقاري في البلاد تحت مظلة الحكومة الاتحادية، إذ سيساهم الكيان المتوافق مع أحكام الشريعة الاسلامية بدعم نمو ونشاط شركتي «أملاك للتمويل» و «تمويل».
وأوضح مدير عام الدائرة المالية في دبي ورئيس مجلس إدارة «أملاك للتمويل» ناصر الشيخ أنه من خلال الخبرة المشتركة التي تملكها شركتا «تمويل» و «أملاك» فإن «المصرف العقاري» الجديد سيعزز القيمة الإضافية المقدمة للزبائن مع المزيد من المنتجات، والعمليات المتميزة والدعم المالي.
بداية لابد من الإشارة هنا إلى عملية الدمج بين مؤسستين خليجيتين، فقبل ذلك شهدنا عملية دمج تمت بين بنك مسقط ومصرف عمان التجاري في بنك واحد يحمل اسم «بنك مسقط» وقدرت أصوله حينها بنحو 3,5 مليارات دولار. كذلك كانت هناك بعض حالات الاندماج في السعودية، عندما أنجزت عمليات دمج بنك القاهرة السعودي في البنك السعودي التجاري المتحد، وكذلك عملية دمج البنك السعودي المتحد مع البنك السعودي الأميركي (سابقا) لتبلغ حجم أصول البنك الجديد نحو 20,5 مليار دولار.
وبوسعنا هنا الحديث أيضا عن عمليات الدمج المصرفي التي تمت في السوق البحرينية عندما جرى دمج «البنك الأهلي التجاري» مع «الكويتي المتحد» في لندن لتكوين شركة قابضة في البحرين بقيمة 304 ملايين دولار.
وتكمن وراء عمليات الدمج الكثير من العوامل، البعض منها داخلي من نمط الرغبة فى تعظيم القيمة لحاملي الأسهم، أو خفض تكاليف التشغيل والإنتاج وزيادة القوة الاحتكارية، ما يجعل المؤسسات محل الدمج في وضع أفضل لشراء المدخلات بأسعار أقل، وامكانية دخول المؤسسات المالية إلى مناطق جغرافية جديدة أو أسواق منتجات بكلفة أقل.
وبالقدر ذاته لا يخلو الأمر من بعض الدوافع الخارجية مثل الخوف من منافسة الشركات العالمية العملاقة التي باتت، بفضل آليات العولمة وقوانينها تغزو الأسواق المحلية وتنافس الشركات المحلية الصغيرة أو المتوسطة العاملة فيها.
الأمر الذي ينبغي التحذير منه عند الحديث عن عمليات الدمج، وخصوصا عندما تكون الأنشطة في المجال المصرفي، أو استحواذ أحدهما على الأخرى، من أن المسألة ليست مجرد عملية إضافة حسابية بسيطة، بقدر ما هي عملية متشابكة يفترض فيها أن تخضع لقوانين وقواعد معقدة وأن تتم وفق إجراءات إدارية هي الأخرى في غاية التعقيد، الأمر الذي لابد أن تراعيه المؤسسات.
ولربما كانت تلك التعقيدات هي التي تكمن وراء حرص المسئولين في الإمارات على تأكيد أن عملية الدمج هذه ستتم «بشكل منصف لكل من المساهمين والزبائن وسترتكز على أفضل الممارسات الدولية المترافقة مع العديد من الخطوات التي تشمل الموجبات المالية والقانونية والتقييم المستقل والموافقات التنظيمية الضرورية ذات الصلة فضلا عن عملية التكامل بين الشركتين». ولعل من أهم تلك المتطلبات، وفي هذه المرحلة المبكرة من إجراءات الدمج، مراعاة مقررات بازل (1 و2).
كما ينبغي الإشارة أيضا إلى أن عمليات الدمج لا تولد بشكل مطلق ظواهر إيجابية، فهي في حالات معينة تؤدي لبروز وتعزيز نزعة «الاحتكار» وتعميق مفاهيمه، الأمر الذي من شأنه تهديد الشركات المتوسطة والصغيرة العاملة في القطاع ذاته، والتي ربما لا تعاني حينها من أي مشكلات مالية، ربما تستحدثها عمليات الدمج، وخصوصا حين تتم بشكل سريع وعشوائي أو حين يكون سبب اللجوء لها مواجهة أزمة مالية في الشركتين المندمجتين، أو لمواجهة ازمة تجتاح السوق ذي العلاقة. وعلى المستوى الإداري، غالبا ما تنجم عن الدمج تغييرات إدارية في الهياكل والأفراد تقود إلى تشويهات تعاني منها المؤسسة الجديدة في مراحل لاحقة.
الأهم من كل ذلك، أنه وكما يقول مسئول في شركة «كي بي إم جي» الدولية للخدمات المتخصصة في الشركة في دولة الإمارات العربية المتحدة فيل نولس، إنه «إذا توجهت ثروات هذا القطاع نحو الانحدار في وقت ما، سيكون نشاط الدمج والحيازة مؤشرا إلى سوء الوضع. فهذه الصناعة مشتتة بقدر ملحوظ، وتنوء تحت وطأة زيادة النفقات العامة، وتعاني نقصا في المهارات».
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 2272 - الإثنين 24 نوفمبر 2008م الموافق 25 ذي القعدة 1429هـ