العدد 1854 - الأربعاء 03 أكتوبر 2007م الموافق 21 رمضان 1428هـ

كل الوزارات... «إلاّ التربية»!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

قبل التغيير الوزاري الأخير، وبعد ثلاثة أسابيع من تدوير الشائعات عن التغيير المرتقب، أقدم وزير العمل مجيد العلوي على إقرار زيادة بنسبة 15 في المئة لرواتب موظّفي معهد البحرين للتدريب.

وفي اليوم الأخير له في الوزارة، أقدم وزير الإعلام السابق محمد عبد الغفار على تثبيت 100 موظف ظلّوا معلّقين على مشنقة «الوظيفة المؤقتة» لسنوات. كلا الوزيرين كان يريد أنْ يترك ذكرا طيبا لدى الناس فيما لو غادر الوزارة، وهو أمرٌ جيدٌ يحسب لهما.

وزيرة الصحة السابقة ندى حفاظ، وهي تستعرض اليوم أهم إنجازاتها، تضع على رأس القائمة تثبيت مجموعة من الأطباء ورفع درجات مجموعة أخرى. بل إنّ هناك من ذهب إلى تفسير تأخير زيادة العسكريين إلى حرص الوزير على الحصول على زيادةٍ أكبر من 15 بالمئة لمنتسبي وزارته، بينما أرجع آخرون الأمر إلى رغبته بأن تشمل الزيادة شريحة أوسع من الموظفين... وهو أمرٌ طيبٌ يحسب للوزير.

الوزير في الدولة الحديثة ليس قهرمانا، فهو لا يمثّل الدولة أمام مرؤوسيه فقط، بل يمثّل أيضا مرؤوسيه أمام الدولة ويحرص على حماية مصالحهم ورفع مستواهم المعيشي، فكلّما كان الاهتمام بموظفيك أكبر، زاد عطاؤهم وتفانيهم في الخدمة أكثر.

هذه قاعدةٌ منطقيةٌ مضطردةٌ عموما في مختلف الوزارات، إلاّ في وزارة التربية والتعليم، فهذه الوزارة تعتبر نفسها خصما لمنتسبيها، وتقف حائلا دون تحسين مستواهم المعيشي، وتعارض زيادة رواتبهم، وتتنصّل من المسئولية في تحسين أوضاعهم، وترمي بالكرة في ملعب ديوان الخدمة المدنية. بل عندما أمرت القيادة السياسية العليا بزيادة رواتب المعلمين إنصافا لهم ومساواة بغيرهم من موظفي الدولة، نسبت الوزارة الفضل لنفسها وادعت أنّ هذه الزيادة إنما هي حصيلة جهدها وجهادها!

هذه الوزارة العجيبة تتصرّف كأنّ ذاكرة المعلمين والمعلمات مثقوبةٌ إلى هذه الدرجة، ويمكن أنْ ينسوا مواقفها بمثل هذه السرعة! هذا ولم يمض على الاعتصام الأخير أكثر من ثلاثة أسابيع، حين تجمع آلاف المعلمين والمعلمات أمام الوزارة في عزّ الظهيرة، بعد أن أدوا واجباتهم الوظيفية، لإيصال رسالتهم بصورةٍ حضاريةٍ للمسئولين الذين صمّوا آذانهم عن سماعها طوال شهور.

أما هذا الأسبوع، فإنّ جمعية المعلمين اتخذت خطوة سلمية راقية، للتعبير عن موقفها المتحفّظ على الكادر ومقدار الزيادة، بوضع شارة سوداء. إلاّ أن ما حدث أمس (الأربعاء)، فإنه يدل على أنّ هذه الوزارة مازالت تعيش في «أقبية أمن الدولة»، ولم تدخل عهد الإصلاح بعد! فقد وردت أنباءٌ متواترةٌ عن تلقّي مديري ومديرات المدارس اتصالات سرية من بعض «الجهات» بالوزارة، لتهديد المدرّسين والمدرّسات في حال وضع الشارة، وطلب من بعض المديرين رفع قوائم «سوداء» بأسماء كلّ مَنْ يثبت عليه جرم وضع الشارة السوداء! وهو أمرٌ حدث في الاعتصام، ولما كشفت الصحافة هذا الموقف المهين تنصّل منه أصحاب التهديد والوعيد!

نسأل الله جلّت قدرته، في ليالي القدر المباركات، أنْ يمنّ على هذه الوزارة بالخروج من أقبية «أمن الدولة»، إلى عهد الإصلاح... آمين رب العالمين!

صادوه!

يقال إن المعلمين والموظفين المكرّمين في فبراير/شباط الماضي أعطيت لهم ميدالية وساعة يد، لكن لم تصرف لهم حتى الآن المخصّصات المعتادة (300 دينار)، وبعضهم أمضى ثلاثين عاما في التعليم،أي 10 دنانير لكل سنة خدمة. صبري يا حريقة سار، وهكذا يكون التكريم في يوم المعلم العالمي وإلا... بلاش!

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1854 - الأربعاء 03 أكتوبر 2007م الموافق 21 رمضان 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً