يا وزير... حينما تولى عمر بن عبدالعزيز (ر) الإمارة، قال: «فو الله لئن ابتليت بذلك (أي الخلافة) وإنها لشرف الدنيا، لأطلبن بها شرف الآخرة». يا وزير، لا تكن كمن يقول: الإمارة ولو على حمارة، فإن أمر الإمارة جسيم، وسؤالها أمام رب العباد خطير.
في دنيا السياسة، فإنه قيل قديما «ولاتك يدلون عليك»، هذا بالنسبة للحاكم، فإن الأمر ينطبق على الوزير، فإن بطانته التي يختارها مذ أن تطأ قدمه الوزارة تدل عليه؛ فإن كانت بطانتك صالحة صلحت أحوال الناس، فالبطانة الصالحة هي البطانة التي تعينك على الحق ولو على نفسك والأقربين، وتدفعك بعيدا عن الباطل والزيغ.
يا وزير، لا تظن أنك معمرٌ في مقعد الوزارة إلى أبد الآبدين، فإنك بلا ريب مغادرها، إذا، تأمل قول الإمام الشافعي (ر):
إن المناصب لا تدوم لواحد
إن كنت تنكر ذا فأين الأول
فأغرس من الفعل الجميل فضائلا
فإذا عُزلت فإنها لا تعـزل
يا وزير، تقول الحكمة المأثورة: لو دامت لغيرك ما آلت إليك. فأين الذي سبقك في مقعد الوزارة؟ وتذكر يوم تأت الله يوم القيامة فردا مجردا من الصولجان والهيلمان، تذكر وقوفك بين يدي الله يوم يقوم الحساب، يومئذ لا ينفع مال ولا بنون، ولا يشفع لك أمام الله أن تقول إن فلانا أمرني أو منعني، فإنها أمانة في عنقك، ولا يحاسب على فعلك غيرك. فأنظر أي فعل تلقى الله به يوم القيامة؟!
«عطني إذنك»...
إذا توزر أحدهم في إحدى الوزارات «المشكلجية» مع المواطنين، خرج للناس وقال: إن تركة الماضي ثقيلة و... و... ونحن نقول: نحن نعلم بأن تركة الماضي ثقيلة، فلماذا قبلت الوزارة إن لم تكن «قدها»؟! على الوزير أن لا يقبل الوزارة إن لم يكن يستطيع حلحلة المشكلات التي تعاني منها هذه الوزارة أم تلك، ورحم الله «وزيرا» عرف قدر نفسه. فالناس ملت من عبارة تركة الماضي ثقيلة. هذه رسالة إلى من سيدخلون الوزارة الجديدة. لا نريد أن يخرج علينا وزير ويقول: تركة الماضي ثقيلة! فأنت يا وزير في منصب سياسي كبير، وعليك مسئولية عظيمة، فإما أن تكون قدها وتقبلها، وإما أن ترحم نفسك وتعتذر عن حمل أمانتها!
إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"العدد 1853 - الثلثاء 02 أكتوبر 2007م الموافق 20 رمضان 1428هـ