وقبل ذلك اللقاء بحوالى 6 سنوات أثار تحذير حاد أطلقته هيئة مستشاري تغيرات المناخ (IPCC) التابعة للأمم المتحدة ـ في إجتماع لها عقدته في 22 يناير / كانون الثاني بشنغهاي في الصين بشأن احتمالات زيادة التغيرات المناخية الناتجة عن ظاهرة الاحتباس الحراري بصورة أسرع بكثير من المتوقع- جدلا واسعا، ليس فقط في الأوساط العلمية، بل أيضا في الأوساط السياسية. وقد صدر عن ذلك الاجتماع ،الذي حضره أكثر من 150 عالما و80 عضوا لجماعات البيئة من 99 دولة، تقريرا يؤكد أن المتسبب الرئيسي في زيادة درجة الحرارة على سطح الكوكب هو التلوث الهوائي - الناتج عن الأنشطة الإنسانية المختلفة - وأن استمرار معدلات انبعاث غازات البيوت (الصوبة) الخضراء(Greenhouse gases ) وعلى رأسها ثاني أكسيد الكربون في مستواها الحالي قد يعني كارثة محققة؛ إذ يحتمل زيادة درجة الحرارة 10,5 درجات عن معدلها الحالي مع نهاية هذا القرن، ما يعني النقص الشديد في موارد المياه العذبة نتيجة لتبخرها وارتفاع مستوى المياه في البحار والمحيطات - نتيجة لذوبان الثلج في الأقطاب المتجمدة - بمعدل قد يصل إلى عشرة أقدام؛ ما سيؤدي إلى غرق معظم الدول الساحلية.
ووضع هذا التقرير - حينها - الكثير من الحكومات، وخصوصا حكومات الدول التي فيها أعلى نسب لانبعاثات غازات البيوت الخضراء، وعلى رأسها الولايات المتحدة والصين ـ في موقف حرج، خصوصا بعد فشل الدورة السادسة للمؤتمر العالمي لتغيرات المناخ في نوفمبر/ تشرين الثاني 2000 في التوصل إلى تفعيل لبروتوكول 1987 - الذي وافقت فيه الدول الصناعية على خفض معدل انبعاث الغازات الملوثة للهواء بحلول العام 2010 بنسبة 5,2 في المئة عن معدلها في العام 1990 - إذ أصرت الولايات المتحدة على إضافة نسب ثاني أكسيد الكربون الذي تمتصه الغابات إلى معدلات الخفض، وهذا ما لم توافق عليه العديد من الدول الأوربية، ولم يستطيعوا التوصل إلى حل وسط غير أن المؤتمر سيعاود الانعقاد في مايو/أيار المقبل في بون بألمانيا مع أمل للتوصل إلى حل عملي لخفض نسب التلوث الهوائي قبل فوات الأوان.
وأعتبَرما جاء في ذلك التقرير أعنف تحذير قد صدر حتى ذلك التاريخ لظاهرة ارتفاع درجة حرارة سطح الأرض، والتي كان العلماء يرون أنها ناتجة من جراء زيادة ظاهرة الاحتباس الحراري. ويُعَد احتمال زيادة درجة الحرارة الذي جاء بالتقرير، والذي يصل إلى 10,5 درجات؛ أعلى بكثير من كل الاحتمالات السابقة لمعدلات زيادة درجة الحرارة على سطح الأرض وخصوصا أنه تبعا لآخر الدراسات التي تمت لم يرتفع متوسط درجة الحرارة على سطح الأرض مع نهاية القرن الماضي أكثر من درجة واحدة فقط عن معدلها الطبيعي. لذلك أثار ذلك التقرير بصورة كبيرة الجدل العلمي الذي لم يُحسَم بعد بشأن صدقية حدوث هذه الظاهرة بالصورة التي تصورها الاحتمالات، ومدى التأثير الفعلي لظاهرة الاحتباس الحراري على التغيرات المناخية التي تحدث على سطح هذا الكوكب.
وفي الآونة الأخيرة، وعلى وجه التحديد في نهاية الصيف الماضي حذرت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة «فاو» من التداعيات الخطيرة التي قد يشهدها العالم على المستوى الغذائي بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري وتأثيرها على المزروعات، وتوقعت المنظمة أن تدفع الدول الفقيرة الضريبة الأكبر لهذه الظاهرة التي قد تستفيد منها الدول الغنية على المدى القصير.
وشددت المنظمة على ضرورة الاهتمام بالتنبؤ بالأحداث والتغيرات الحادة غير المعتادة في المناخ من خلال جمع البيانات وتطوير الأدوات لجعل تلك المعلومات في متناول الجميع، الأمر الذي من شأنه أن يساهم في تهيئة الزراعة لكي تتكيف مع تلك الظروف المتغيّرة.
وجاء تحذير الفاو على لسان المدير العام المساعد للمنظمة ألكسندر مولر، خلال ورشة عمل عقدت في روما افي الصيف الماضي وتناولت استراتيجيات التكيف والتخطيط لمواجهة التغيرات المناخية التي يشهدها العالم بحضور 140 خبيرا دوليا.
وقال مولر إن التغير المناخي «قد يشكل أحد أخطر التحديات التي يمكن أن تواجه البشرية لسنوات عديدة قادمة ولا سيما تأثيره على الأمن الغذائي العالمي إذ يؤثر بشكل كبير على إنتاج الأغذية وإمكان الحصول عليها ونظم توزيعها».
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 1852 - الإثنين 01 أكتوبر 2007م الموافق 19 رمضان 1428هـ