طالب نائب رئيس الهيئة المركزية في جمعية العمل الوطني الديمقراطي (وعد) عبدالله جناحي بعرض موسوعة تاريخ البحرين التي أنجزتها لجنة مشكلة بقرار من رئيس الوزراء سمو الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة برئاسة الوزير السابق محمد حسن كمال الدين على قوى المجتمع والمتخصصين ليقولوا كلمتهم فيها، مستغربا أن يكتب تاريخ البحرين بمعزل عن الناس.
وقال جناحي في حوار مع قناة «المستقبل» اللبنانية تعقيبا على ما نشرته «الوسط» عن تدخلات فوقية لمنع طباعة موسوعة تاريخ البحرين «إن الموسوعة تحتاج إلى متخصصين وذوي علاقة من أبناء البلد في شتى المجالات التي تمثل محاور الموسوعة، وإذ إن الموسوعة ستتطرق إلى تاريخ الوضع السياسي للبحرين فالمطلوب مشاركة سياسيين وحقوقيين من أبناء البلد ومن القوى السياسية المعارضة».
وأضاف جناحي: «هناك قراءتان للتاريخ منذ أكثر من 90 عاما، فالقراءة الرسمية ترى أن التطور السياسي للبلاد والمراحل التاريخية التي مرت بها هذه الجزيرة كانت الأدوار الرئيسية فيها للحكومة، وهناك قراءة أخرى للقوى السياسية التي ترى أن المراحل السياسية التي مرت بها البحرين هناك دور محوري للجماهير الشعبية وللقوى المطالبة بالاستقلال والمشاركة السياسية».
وشدد جناحي على ضرورة أن تكون الموسوعة موضوعية في خلق توازن بين القراءتين، بحيث لا يهمل التاريخ الذي كان مهملا في المرحلة السابقة وخصوصا الانتفاضات التي قامت بها الجماهير لمجابهة الاستعمار أو السلطة السياسية وقدمت فيها شهداء ومعتقلين ومنفيين، والذين يجب إعادة الاعتبار لهم حين كتابة التاريخ الوطني وإلا ستفقد الموسوعة صدقيتها شعبيا، وستصبح كأي كتاب يظهر كفقاعات ويختفي».
وأشار جناحي إلى أن «اللجنة التي كتبت الموسوعة بدأت عملها بشكل سري، ولم نعرف عنها شيئا، وإذا كان هناك آخرون يريدون حل هذه اللجنة فيجب إعادة النظر في بعض المحطات المهمة، فهذه اللجنة لا نعرف من أعضاؤها وليسوا كلهم بحرينيون، ولم تكن شفافة منذ بداية تأسيسها ولم نكن نعلم ما هي وما منهجيتها وما الإطار العام الذي ستبدأ اللجنة فيه بكتابة التاريخ».
وأوضح جناحي أن «اللجنة لم تعقد لقاءات ومنتديات مع قوى المجتمع لاستشراف آرائها، فكانت سرية ولولا ما نشرته صحيفة (الوسط) لما اطلعنا على أسماء اللجنة، ومن أبجديات أي إصدار موسوعي أن تعد مسودة الموسوعة وتعرض في حلقات نقاشية وورش عمل لإزالة كل النقاط الغامضة، ويجب أن توزع نسخ للجمعيات السياسية والجمعيات التي لها علاقة بالتاريخ الطبيعي والديمغرافي وتؤخذ آراؤها، وبهذا الشكل يمكن أن تكون في الموسوعة توصيات ومقترحات قوى المجتمع أما أن تبرز بشكل مفاجئ ويراد لنا أن نقبل بكل ما فيها فلا نستطيع أن نتعامل مع تاريخنا على هذا النحو».
وبشأن ما صرح به مركز الوثائق التاريخية بأن المركز لديه مشروع لإعداد لجنة أخرى، قال جناحي: «مع احترامنا الشديد لهذا المركز منذ إنشائه وصدور مجلة (الوثيقة) فقد كانت المجلة منحازة للتاريخ الرسمي وإبراز تاريخ مكون واحد من الوطن وهو السلطة الحاكمة الكريمة، وان تطرقت أحيانا إلى الحركات المعارضة في التاريخ الماضي فقد كانت تشوه مواقفها كحركة القرامطة والزنج، لذلك نعتقد أن هذا المركز رسمي واللجنة المشكلة هي لجنة رسمية أيضا ونعتقد أن في المجتمع كثرة من المتخصصين وجمعيات ذات علاقة بالتاريخ وحضارة دلمون وبالتاريخ المعاصر، وعلى هذه اللجان أن تنفتح على الناس وتشارك الناس في اخذ مرئياتها وتقترح أسماء ذات علاقة بالمواضيع متعددة حتى تصبح للجنة صدقية حقيقية».
وأضاف جناحي أن على من يكتب التاريخ أن يستفيد من أخطاء من كتب التاريخ في مرحلة سابقة «وفي عهد المنصور العباسي حينما بدأ عصر التدوين وتجميع الموروث الإسلامي السابق منذ عهد الرسول (ص) إلى العهد العباسي من أحاديث وفقه أهمل الحكم آنذاك تجميع الموروث والفكر الذي كان معارضا وهو الفكر الشيعي والفكر الشعوبي، وركز فقط على فئة معينة، وهذا ما أدى إلى أن الطرف الآخر بدأ يخلق بنفسه عصر تدوين مماثل، والنتيجة استمرار هذا الصراع التاريخي إلى وقتنا الراهن، ولو كان الحكم آنذاك موضوعيا ومستوعبا منهجية كتابة التاريخ لخلق التصالح بين المذهبين في كتابة تاريخهما السابق بدلا من تهميش طرف وإقصاء طرف».
وحذر جناحي من أن «التاريخ يكرر نفسه إذا لم نستوعب تجاربه، وبالتالي على من يكتب تاريخ الوطن ألا يهمل أية محطة سياسية أو قانونية أو شعبية، فقط لأنها لا تعجب الحكم السياسي، وهذه طبعا مهمة صعبة أمام لجان شكلت من الحكم، كما أنها مهمة صعبة أن نبعد الانحياز الأيديولوجي والسياسي بشكل مطلق، ولكن المختصين الموضوعيين المنهجيين هم القادرون لوحدهم على تحقيق هذا التوازن».
العدد 1852 - الإثنين 01 أكتوبر 2007م الموافق 19 رمضان 1428هـ