العدد 1851 - الأحد 30 سبتمبر 2007م الموافق 18 رمضان 1428هـ

الكويتيات يودعن المرأة الحديد

رملة عبد الحميد comments [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

«كفيتي ووفيتي يا أم محمد» بتلك الجملة اختتم وزير الدولة لشئون الإسكان ووزير المواصلات ووزير الدولة لشئون مجلس الأمة الكويتي بالوكالة عبد الواحد العوضي كلمته في حفل تكريم الوزيرة السابقة معصومة المبارك، ذلك الحفل الذي دُعيت إليه نخبة من الناشطات الكويتيات. الكلمات التي ألقيت في الحفل من قبل المدعوات والتي نشرتها الصحف الكويتية، أعطت جانبا ليس باليسير عن موقف المرأة الكويتية من استقالة المبارك وكيف تنظر لتلك الخسارة، فمعصومة المبارك هي أول امرأة كويتية تتولى الوزارة يشهد بكفاءتها جميع الكويتيين على اختلاف مشاربهم من النساء والرجال، وهي أول امرأة كويتية تدخل مجلس الأمة على رغم من رفض الكثيرين باعتبارها امرأة، إذ علا صوتها بأداء القسم في موجة عالية من الصراخ والمقاطعة، وهي أول وزيرة تقدم استقالتها لخلل بسيط لا تتحمله وحدها في كل الأحوال.

لم يكن بالأمر الهين على نساء الكويت بل نساء الخليج عموما أن تحترق المبارك بنيران الجهراء، وأن تخرج من سدة الوزارة والمشاركة في السلطة التنفيذية، فهي خسارة لإنجازات المرأة الكويتية، بل تعتبر خطوة نحو الوراء، فالوزيرة السابقة والحاصلة على درجة الدكتوراه من جامعة دنفر و أستاذة العلوم السياسية في جامعة الكويت، تحدت الجميع وأظهرت كفاءتها حين تقلدت مهام ثلاث وزارات على التوالي، فقد أسديت إليها وزارة للتخطيط ووزارة الدولة لشئون التنمية الاداريه العام 2005م، ثم أصبحت وزيرة للمواصلات وذلك بالتشكيل الوزاري في يوليو/تموز 2006م. ومن ثم عينت وزيرة للصحة بالتشكيل الوزاري للعام 2007.

لماذا الاحتفاء بمعصومة المبارك؟ هل هي فزعة نسائية؟ أم أنها كانت شيئا مغايرا؟ الإعلامية الكويتية البارزة فاطمة حسين تشير إلى أن ذلك ناتج عن أمرين: أولهما لأنها فتحت بوابة تاريخ الوطن ليستقبل المرأة بالتقدير والاحترام والاعتراف بقدراتها بعد أن كان موصدا لمدة طويلة ثم مواربا للمجاملة فقط. ثانيهما: لأنها استطاعت بتوزيرها أن تلملم أطراف الثوب النسائي الذي عاش التمزق والذي كاد أن يودي بجهد المرأة التاريخي. لقد أجمعت عليها النفوس النسائية على رغم تعرجات الأهواء وتقلبات الأمزجة وسيطرة الذاتية وتأرجح النظرة الاجتماعية ما بين التخلف وادعاء التقدم، أما المرشحة السابقة لمجلس الأمة فاطمة العبدلي فتقول «نجتمع اليوم لنؤكد أننا نقف إلى جانب المرأة المناضلة التي كانت ومازالت ترفع شعارات العدالة. إن معركتنا الوطنية المشتركة ضد كل من يعمل ضد الكفاءة وخصوصا الكفاءة النسائية هي معركة واحدة في ساحات مختلفة».

ما الذي تميزت به المبارك؟ وعلى ماذا تعول الكويتيات في شخصيتها ؟ الناشطة الإسلامية خديجة المحميد تؤكد أن أهم ما يسجل للوزيرة المبارك هو «شجاعتها في قبولها المنصب الوزاري لثلاث مرات متتالية في ما يقارب السنتين، وهو منصب قصير العمر لا يعين على الإنجاز وطارد للكفاءات في ظل بيئة سياسية غير مستقرة ولا تعتمد نظما معيارية قياسية لعملها سواء على مستوى الحكومة أو البرلمان، كما أنها بيئة تراثية تشكك في قدرات المرأة القيادية، وهناك في الواقع من يعمل لإسقاط المرأة عن أي منصب وزاري وتكريس ثقافة أنها لا تصلح للقيادة لأنهم يعتبرونها ناقصة عقل، وحينما تطلب الظرف السياسي من معصومة أن تترك الوزارة متحملة مسئولياتها الأدبية والسياسية بعد الحريق في مستشفى الجهراء تركته بالشجاعة نفسها التي تقلدته بها». أما المحامية الناشطة في حقوق المرأة كوثر الجوعان فترى أن معصومة المبارك أثبتت لمن يقول عن أن نساء الكويت ضعيفات عاطفيات، ومحدودات القدرات لا يصلحن للسياسة ومراكز صنع القرار، إنهن يصلحن في كل مكان وفي كل موقع وأن المبارك «استقالت لتعلم الرجال أن هناك مسئولية سياسية يجب أن يتحمل المسئول الأول تبعاتها».

لكن من الذي أزاح المبارك؟... ومن الذي دفع بعجلة استقالتها؟... الإعلامية فاطمة حسين تشير إلى أن الوزيرة السابقة « دخلت سدة الحكم كمواطنة جادة متسلحة بالذكاء والعلم والتواضع، وسارت على أشواك الصراط المستقيم، رافعة كفها في وجه رياح التخلف لإيمانها بأن الكويت الوطن يستحق النهوض من كبوته بعقول وقلوب وأياد مشتركة ما بين النساء والرجال، ذاك كان ذنبها العظيم!». بينما تعتقد رئيسة الجمعية الاقتصادية الكويتية رولا دشتي أن الأمر راجع إلى أن هناك بعض الأصوات «تمارس الابتزاز السياسي والإرهاب الفكري والاجتماعي لتنال من تكريس هذا الإنجاز وإرجاعنا إلى الوراء».

بخروج المبارك لم يخسر الرجل الكويتي كثيرا، بل خسرت المرأة الكويتية الكثير، يبقى السؤال الأهم هل ترضى الكويتية بالأمر، وما هي فاعلة؟ تقول إحدى السيدات الكويتيات «إننا سنواجه هذا التحدي للحفاظ على حقوقنا الدستورية ومكتسباتنا الوطنية ليس من أجل المرأة، بل من أجل الكويت ومستقبل أبنائنا وما نحتاجه هو كسر القوالب النمطية في اختيار الوزراء وقياديي الدولة والحد من الإقطاع السياسي للرجال وإعطاء الفرصة للوجود الفاعل للمرأة في مراكز صنع القرار، حيث أن المرأة هي إحدى القوى الرئيسية الدافعة للتغيير الإيجابي، إن وجود المرأة في مراكز صنع القرار ليست منة، بل يعني احترام الدستور وتطبيق القانون بالعمل» لكن الأمر رهن بالحكومة الكويتية في إيجاد البديل خصوصا بعد أن أثبتت المبارك أن المرأة الكويتية قادرة على تحمل أعباء السلطة كواقع ملموس إذ كانت كثيرا ما تقول «لم أولد وفي فمي ملعقة من ذهب، مثلث المرأة الكويتية، ومنذ اليوم الأول لتولي مهام حقيبة التخطيط والتنمية الإدارية بدأت باتخاذ خطوات جادة نحو المشاركة الحقيقية للمرأة وتطبيق مبادئ العدالة» فهل تشهد الساحة الكويتية امرأة حديد أخرى؟

إقرأ أيضا لـ "رملة عبد الحميد"

العدد 1851 - الأحد 30 سبتمبر 2007م الموافق 18 رمضان 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً