العدد 1851 - الأحد 30 سبتمبر 2007م الموافق 18 رمضان 1428هـ

«سجن الصحافيّ»

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

قبل عدّة أيام أصدر نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم توجيهاته إلى الجهات المعنية بعدم سجن أيّ صحافيّ بسبب عمله، وذلك بعد يومين من صدور حكم بالسجن في حق صحافيين بعد إدانتهما بتهمة التشهير. وأعلن رئيس المجلس الوطني للإعلام الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان أن الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم «أصدر توجيهاته إلى الجهات المعنية بعدم حبس أيّ صحافيّ لأسباب تتصل بعمله الصحافي، وأن هناك إجراءات أخرى يمكن أن تتخذ في حق الصحافيّ الذي يرتكب مخالفة معينة لا تصل إلى السجن».

هذا الخبر يُعيدنا إلى الحديث عن قانون الصحافة والطباعة والنشر البحريني الذي يأمر بسجن الصحافيين لأتفه الأسباب (فيما لو طبّق بحذافيره)... وكان «الجسد الصحافي» موحّدا ولايزال متوحّدا بشأن رفضه القانون الحالي، وكان هذا الجسد ممثلا بثلاثة رؤساء تحرير وثلاثة وزراء وثلاثة صحافيين اجتمعوا قبل خمس سنوات (نهاية 2002) في منزل وزير شئون مجلس الوزراء السابق محمد المطوع، وذلك بأمر من سموّ رئيس الوزراء، واتفقوا على طرح مواد قانون حضاري يواكب المشروع الإصلاحي لجلالة الملك، ولكن ذلك الاتفاق ذهب أدراج الرياح، تماما ككثير من الاتفاقات والوعود.

في 2004 طرح مجلس الشورى مقترحا بقانون وهو مقترح يتماشى مع ما تم الاتفاق عليه، ولكن النواب في البرلمان الماضي طالبوا بتغليظ العقوبات على الصحافيّ، بل وجلده أيضا، وأبقوا على مادة تنصّ على أن الصحافيّ يمكن تطبيق أقصى العقوبات عليه، كما هو منصوص عليه في قانون العقوبات، وبعدها كرّر عدد من النواب وعدد من الوزراء بأن الصحافيّ ليس فوق الدستور، وأنه ليس محصّنا من السجن.

الخلط في الموضوع واضح، وربما متعمّد أيضا. كنا نلوم النواب السابقين لما قاموا به، ولكننا نجد أن النواب الحاليين يسيرون في النهج نفسه، وهم أقلّ حماسا من أعضاء مجلس الشورى (المعيّنين) في إصدار قانون مشرّف. الموضوع ليس حصانة الصحافيّ من السجن، فالصحافيّ يمكن محاسبته بالتأكيد، وكل الدول المتحضرة تحاسب الجميع، من أعلى مسئول ووزير، وحتى النوّاب والصحافيّون... ولكن الموضوع الذي نتحدّث عنه هو أن قانون الصحافة والنشر الحاليّ يضع أيّ شخص يعمل في هذه المهنة في زاوية «أنت متهم حتى تثبت براءتك»، ويحوّل قضايا النشر إلى محكمة الجنايات الكبرى، تماما مع المجرمين والقتلة الذين يرتكبون الجرائم الكبرى... بينما المفروض أن تنظر المحاكم المدنية في الدعاوى المتعلقة بالصحافة، وألا يكون هناك حديث عن سجن أو جلد.

إن تكرار عدد غير قليل من النوّاب السابقين والحاليين ومعهم عدد من الوزراء القول إن عدم سجن الصحافيّ مخالفة دستورية مؤسف جدا؛ لأنه يوضّح أن من يطلق هذه التصريحات لا يودّ أن يطّلع على مستوى التحضر الذي تناله الأمم التي تحترم الكلمة وحرية التعبير وتحترم من يحمل القلم، تماما كما احترم القرآن الكريم العلم والعلماء، واعتبرهم ركنا أساسيا في حضارة المسلمين. فهل ننتظر حتى نكون في مؤخرة الركب الخليجي (في هذا المجال) بعد أن كنا في مقدّمته؟

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 1851 - الأحد 30 سبتمبر 2007م الموافق 18 رمضان 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً