يعمل الكثير من المؤسسات السويسرية على جعل سويسرا نموذجا لبلد يحرص على استخدام الطاقة النظيفة، ففي مطلع أغسطس /آب 2007 أعلنت السلطات السويسرية أنه سيكون بإمكان مالِكي السيارات «النظيفة» الاستفادة من تخفيضات تتراوح بين 3000 و4000 فرنك بفضل نظام المكافآت. ولا يعدو هذا أن يكون سوى واحد من 26 إجراء اقترحها وزير البيئة السويسري موريس لوينبرغر من أجل خفض استخدام موارد الطاقة الأحفورية بنسبة 1,5 في المئة في السنة، ومضاعفة النسبة الحالية لاستخدام الطاقة المتجدّدة بحلول سنة 2020.
وفي كلمته، حاول وزير البيئة أن يوجِّه رسائل مطَمئِنة، ولم يستبعد إدخال تغييرات على الإجراءات المقترحة، مؤكِّدا في الوقت نفسه أنها مقترحات عملية وقابلة للتحقيق، والهدف منها: خفض نسبة استخدام الطاقة الأحفورية بـ1,5 في المئة كل سنة إلى حلول 2020، وتثبيت استهلاك الكهرباء عن نسبة استهلاك سنة 2006، وزيادة حجم الاستهلاك من الطاقة المتجدّدة من 16,2 في المئة إلى 24 في المئة.
ووردت هذه الإجراءات، التي هي في الوقت نفسه ذات طابع تقني وترتيبات منظمة لسوق الطاقة، ضمن خطتي عمل عُرضتا للاستشارة إلى حدود منتصف أكتوبر / تشرين الأول المقبل.
تتضمن خطة عمل «الطاقات المتجدّدة» ثمانية إجراءات، وتتركّـز على إنتاج الحرارة التي توفِّـر أهم أنواع الطاقة التي تنتجها في العادة مصادر الطاقة الأحفورية. ومن المتوقع أن يتم تنصيب مائة ألف مولِّـد طاقة شمسية على الأسطح في سويسرا.
ولا يُنتظر أن تكون للإجراءات المقترحة انعكاسات سلبية على الموازنات العامة. في المقابل، تقترح الخُطة استثمار أكثر من 50 مليون فرنك سنويّا في مجال الأبحاث والتكوين والإعلام ونقل التكنولوجيا (26,5 مليونا لزيادة جدوى الطاقة و27,5 مليونا لموارد الطاقة المتجددة). في الاتجاه ذاته، وفي أواخر الشهر ذاته، أطلقت إحدى شركات نيكولا حايك، رئيس مجموعة سووتش السويسرية المعروفة، مشروعا طموحا يهدِف إلى تطوير نوع من الطاقة من الهيدروجين وبطاريات الوقود المتجدّد المحافظ على البيئة.
ويهدف المشروع إلى الوصول في غضون ثلاث أو أربع سنوات إلى تسويق مولِّدات طاقة صغيرة للاستخدام الفردي، وعمليات إنتاج موسّعة لبطاريات وقود لاستخدام السيارات. وكانت هذه التكنولوجيا قائمة من قَبل، لكن التحدّي الحقيقي كان في تحويلها إلى مشروع صناعي، وبأقلّ كلفة ممكنة.
وبهذا المشروع يطلق رجل الأعمال نيكولا حايك، الذي يناهز عمره 80 سنة، تحدِّيا جديدا يتمثّل في إنشاء مشروع بالاشتراك مع «مجموعة E» الجديدة (وهي شركة نشأت نتيجة عملية دمج بين شركات الكهرباء بفريبورغ وشركة الكهرباء بنوشاتيل) المتخصِّصة في أنظمة الطاقة البديلة. وبادر مصرف كانتون فريبورغ بإعلان عزمه على استثمار مليون فرنك في هذا المشروع الذي يكتسب أهميته من مساهمته المباشرة في تطوير مصادر للطاقة النظيفة والمتجددة. وسيتركّـز اهتمام الشركة المُـزمع إنشاؤها على تقنية الهيدروجين وبطارية الوقود، وهذه الأخيرة ليست مصدرا للطاقة، بل ناقلا لها.
وقطعت هذه التجربة أشواطا متقدِّمة من النجاح، إذ تبلغ سرعة هذه السيارة 130 كلم في الساعة، وبإمكانها تخزين الطاقة الضرورية لمسافة 400 كلم. ويقع توليد هذه الطاقة الهيدروجينية بواسطة لوحات لتخزين الطاقة الشمسية. وتولي شركات صناعة السيارات أو البعض منها على الأقل، اهتماما بالغا بهذه التقنية التي ترى فيها بديلا للنفط. وكخطوة أولى، تقرّر استثمار ما بين 20 و 30 مليون فرنك عند الانطلاق، ما يسمح لهذه الشركة الفتية الدّخول إلى أسواق المال وإنشاء شركات صغرى متخصِّـصة في مجال صناعة السيارات لاحقا. في الوقت ذاته طور باحثون سويسريون مُحفزا جديدا للمُحركات العاملة بالغاز الطبيعي. ويسمح هذا الابتكار بالحد بشكل قوي من الانبعاثات المُلوثة للهواء.
ويعتبر هذا المحفز ثمرة تعاون مع مصنع السيارات الألماني «فولسفاغن» ومجموعة «أوميكور» الدولية للمعادن والمواد.
وتم تطوير هذا المُحفز الجديد من قبل المؤسسة الفيدرالية السويسرية للأبحاث في مجال علم المواد والتكنولوجيا. وأوضح كريستيان باخ، رئيس قسم المحركات في المؤسسة، في برنامج «10vor10» الذي بثه التلفزيون السويسري الناطق بالألمانية (DRS) يوم 21 أغسطس الجاري أن هذا الابتكار يسمح بالحد بقوة من الانبعاثات المُلوثة. وعن مرحلة مخاض هذه التجربة، قال باخ: «لقد اشتغلنا لمدة 6 سنوات تقريبا على مُحفزات المحركات العاملة بالغاز الطبيعي، وطورنا نموذجا يسمح عمليا بتفادي تكوين الأوزون، إذ يحول هذا المُحفز المواد السامة التي تنبعث من المحرك إلى مواد غير خطرة، في شكل بخار مائي مثلا».
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 1850 - السبت 29 سبتمبر 2007م الموافق 17 رمضان 1428هـ