العدد 1849 - الجمعة 28 سبتمبر 2007م الموافق 16 رمضان 1428هـ

الوعود والإحباط والتهكم

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

لعل إحدى السلبيات التي عاصرناها خلال السنوات الماضية هي إطلاق الوعود الوردية من قبل الجهات الرسمية والجهات المعارضة، فقط ليكتشف مطلق الوعود (ويكتشف الناس معه) أنه ليس بالإمكان تحقيق أي من تلك الوعود، وهذا بدوره خلق حالا من الإحباط في جوانب عدة من حياتنا السياسية، كما ساعد على نشر ثقافة تهكمية تجاه العمل السياسي والقائمين عليه.

لافرق هنا بين الجهات الرسمية والمعارضة في ذلك، فالوعود انهالت على الناس من كل جانب، ومازالت تنهال، ونحن نعلم أن كثيرا منها ينطلق من نية صادقة، ولكن الواقع يتحدث عن حدود على الأرض لايمكن تجاوزها، ولأنه لايمكن تجاوز «حكم الواقع» بالسهولة المرجوة، فإن الوعود تذهب سدى.

الحديث هنا ليس موجها إلى جهة بحد ذاتها في المعارضة، ولا إلى جهة رسمية بحد ذاتها، وإنما هو حديث عن ظاهرة عامة استشرت كثيرا في السنوات الأخيرة. المعارضة وعدت كثيرا بأنها ستحقق تقدما ملموسا في عدد من الملفات العالقة، سواء كانت تلك الملفات دستورية أو معيشية، ولكنها اصطدمت بواقع مرير، ربما لم تقدره جيدا في بداية الأمر، وأدى بها إلى العجز عن الإتيان بما وعدت به.

الجهات الرسمية أيضا لم تقصر في إطلاق الوعود بالحياة الزاهية والعادلة وتوفير الإسكان وقطع الأرض ومكافحة الفاسدين من الأعلى إلى الأسفل، وإشراك جميع الفئات في خيرات الوطن وفي عملية صنع القرار... ولكن هذه الوعود التي تنطلق عن نوايا حسنة سرعان ما تصطدم بواقع آخر يفرض نفسه على الجهات الواعدة، التي تضطر للتتنازل عن وعودها ولا تتمكن من مواصلة الطريق نحو تحقيقها.

وإذا أضفنا إلى ظاهرة الوعود الوردية (الصادرة عن نوايا حسنة) وجود من لديه أهداف غير معلنة (وأحيانا معلنة) بنوايا غير حسنة تستهدف تقويض فئة على حساب فئة، أو تستهدف الاستحواذ على ثروات الوطن بالمجان وحرمان بقية أهل البحرين منها، أو تستهدف الانفراد بالقرار الرسمي أو الإنفراد بالقرار الشعبي، فإن الصورة تزداد سوءا، ويتجه الناس نحو التهكم والتذمر والتشكيك في كل شيء، بما في ذلك التشكيك في المشروعات الخيرة وفي أصحاب النوايا الحسنة.

إن علينا أن نراجع الوعود التي انطلقت من الجهات الشعبية ومن الجهات الرسمية خلال السنوات الماضية ونتوقف عن إطلاق المزيد من الوعود الجديدة، وننشغل بتحقيق ولو جزء يسير جدا من الوعود القديمة، حتى لو كان ذلك على مستوى متواضع جدا، ومن دون التبجح كثيرا بما يتم إنجازه، وربما من خلال ذلك نستطيع التغلب على بعض حالات الإحباط والتهكم المصاحبة للعمل الوطني البحريني حاليا.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 1849 - الجمعة 28 سبتمبر 2007م الموافق 16 رمضان 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً