يتغيّر الناس في دورات حياتية كثيرة، فيتأثرون بما يتعرضون له من متع الحياة أو شرورها وطريقة نشأتهم... حيث تثبت قناعات أساسية في دواخلنا وهي قد تتغير في بداية حياتنا ولكنها تثبت بعدما تنضج مع الوقت الأفكار ويصبح الإنسان كائنا ثابتا لا يمكن زعزعة أفكاره ولا معتقداته مهما تكن. ويقال إنّ للبشر عدة دورات أساسية حيث تتغير تركيبته تغيرا جذريا كل سبع سنوات بما في ذلك الدم الذي يجري عروقه!
تبدأ الدورات في سن السابعة وهي المرحلة التي يبدأ الأطفال في التخلّي عن براءتهم، وتغلق وجوههم بأقنعة مزيّفة ويتعلم المجاملات لإرضاء الآخرين وكسب ودهم ومحبتهم للحصول على رغباته عند الرابعة عشرة وفي سنوات المراهقة تبدأ العواطف والهرمونات الجسدية في التأثير والتعرف على الجنس الآخر ويصبح من أهم المتطلبات للتعرف والتبادل الحياتي... ويتمنى أنْ يكون له شريك/ شريكة، إذ تبدأ هذه العواطف بالظهور بشدة لتعويض عاطفة الابتعاد عن الأم وعاطفتها التي كانت مسيطرة عليه سابقا. وعند الحادية والعشرين، تزداد الطاقة لمتطلبات الاستقرار في كسب الرزق وتبدأ الشخصية الطموحة في التشكل لإرساء دعائم الحياة في النفود والشهرة والالتزام المجتمعي.
وعند الثامنة والعشرين يبدأ المرء في محاولة الاستقرار وتطلب الراحة والتوازن المالي لذلك يقولون لا تثق بأحد قبل سن الثلاثين! هنا إما يستقيم الشخص أو يبقى منحرفا... إذا لم تستغل هذه الدورة بالطريقة الصحيحة، والطاقة تكون في أوجها.
عند الخامسة والثلاثين هي ذروة الحياة وهنا تكون في منتصف العمر إذا كان سيتمد إلى السبعين (افتراضيا). يبدأ الفرد في التفكير الأولي في جدية الحياة والموت... ويبدأ الخوف بالتسرب تدريجيا، والأمراض لا تأتي إلاّ مع زيادة المخاوف عادة والتفكير الجوفي العميق يزيد من الإصابة بالأمراض حتى ولو كان لا شعوريا كالضغط والسكري، والسرطان والنوبات القلبية.
وعند سن الثانية والأربعين يغزو القلق ويزداد الإنسان كآبة وإن لم يكن متدينا يبدأ في الالتفات إلى عقيدة أو دين ليتعمق فيه ويحلل فيها الوجود والحاجة تصبح شديدة لذلك ويتعلق بأية قشة لتنقذه من تساؤلاته عن سبب وجوده ودوره في هذه الحياة... وهي مرحلة حاسمة يريد منها الاستسلام للخالق ليرمي أثقاله عليه ويرتاح من تعب الدنيا!
أمّا عند التاسعة والأربعين فيهدأ المرء كثيرا حيث قارب الخمسين لوجود الاستقرار النفسي ويزداد ورعا وحكمة ونضجا داخليا. وعند السادسة والخمسين يزداد الورع والحكمة والرغبة في المساهمة لمساعدة الآخرين من إعطاء النصائح والرشد للتخفيف من الذنوب التي تقدّمت أو للتقرّب إلى الله أكثر.
وعند الثالثة والستين هي تغدو استمرارية للحياة وتثبيت القناعات، هنا يشع الإنسان فورا إذا ما اهتدى في السنوات السابقة وتعلّم من خبراته في الاعتناء بعقله وروحه وجسده ويصبح فرحا شديد الحب للآخرين، معطاء وهو قد يعيش بعدها لسنوات طوال في راحة نفسية وهو العصر الذهبي المتواصل! إن أجسادنا صممت لتعيش أكثر من مئتي عام، هم هكذا يعيشون في الهملايا وكشمير والاسكيمو! فما هو السر الأكبر لديهم يا ترى؟! هل توجد لديهم تسع دورات أيضا، أم أنهم يولدون داخليا من جديد وربما لديهم ضعف عدد دوراتنا، أم هو عدم الخوف واستمرارية الحياة للتواصل مع الموت والذي يعد بداية أخرى؟
إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"العدد 1847 - الأربعاء 26 سبتمبر 2007م الموافق 14 رمضان 1428هـ