العدد 2271 - الأحد 23 نوفمبر 2008م الموافق 24 ذي القعدة 1429هـ

أميركا تلوث العالم إلكترونيا

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

لا تكتفي الولايات المتحدة بتلويث العالم نوويا من خلال التجارب التي تجريها في الصحارى الأميركية، وفي بعض مناطق أخرى من العالم، ولا تتوقف عند حدود تأجيج الصراعات الداخلية والإقليمية التي تتطور إلى حروب تلجأ فيها الدول المتصارعة إلى واشنطن كي تمدها بالرجال والسلاح، كما جرى عليه الأمر في مناطق مثل أفغانستان والعراق، ما يبيح لها تجربة أسلحتها الكيماوية الجديدة في تلك الحروب... إنها اليوم تلجأ إلى قناة ملوثة جديدة ومعاصرة. هذا ما يكشفه بالأرقام حديث خاص، أدلى به لوكالة «آي بي إس»، رئيس شركة «ريديمتيك» لتدوير النفايات الإلكترونية بوب هوغتون قال فيه إنه وبحسب تقديراته فإن «90 في المئة من الشركات تخدع زبائنها عندما تصدر شهادات لشركات أو حكومات محلية، تدعي أن النفايات قد عوجلت بصورة سليمة وآمنة، في حين أنها أرسلت في الواقع إلى العالم الثالث».

من يقرأ الخبر يتبادر إلى ذهنه أن هوغتون يتحدث عن القمامات التقليدية، في حين أنه يقصد القمامات الإلكترونية التي تشحنها واشنطن إلى العديد من دول العالم الثالث، حيث تنعدم الرقابة نسبيا، ما يفسح في المجال أمام الشركات الأميركية كي تقتصد فيما يجب أن تخصصه من اموال للإنفاق على مصانع ومواد لتدوير القمامات الإلكترونية التي بدأت تنمو أحجامها على نحو مثير للرعب.

وبحسب شهادة بحثية من مصلحة الدولة العامة لحماية البيئة في الصين، فإن «الأميركيين يبيعون المخلفات الإلكترونية للتجار الصينيين، لأن كلفة تهريبها إلى الصين أقل من كلفة معالجتها هناك».

ووفقا لتقرير صادر عن منظمة السلام الأخضر، فإن العالم اليوم ينتج «من المخلفات الإلكترونية نحو 40 مليون طن سنويا، 70 في المئة منها يأخذ طريقه إلى الصين، ومعظمه يستقر في قوييوي».

وليست الصين وحيدة في ذلك، فقد ورد في مدونة المهندس الإلكتروني أمجد قاسم نقلا عن دراسة أجرتها مؤخرا هيئة دولية معترف بها في مجال الحفاظ على البيئة «شبكة بازل للعمل»، أن هناك «ما لا يقل عن 100 ألف كمبيوتر تدخل شهريا إلى ميناء لاغوس النيجيري، منها 75 في المئة تقريبا أجهزة تلفزيون ومعالجات كمبيوتر وهواتف لا تعمل - بمعنى آخر أنها قمامة إلكترونية».

ولا تمتلك المؤسسات الأميركية سوى الاعتراف بقدرة التلويث اللامتناهية التي تستخدمها الولايات المتحدة؛ فبحسب ما جاء في تقرير وكالة حماية البيئة الأميركية، فإن «هناك ما يقرب من ‏2‏ مليون طن من الاجهزة الالكترونية يتم التخلص منها في القمامة تعترف بها الولايات المتحدة وحدها سنويا، كما يبلغ عدد اجهزة التلفزيون التي سيتم التخلص منها في الفترة ما بين ‏2003‏ حتى ‏2010‏ نحو ‏200‏ مليون تلفزيون، ‏ وكذلك ‏200‏ مليون جهاز كمبيوتر في السنوات الخمس المقبلة، ونحو ‏65‏ ألف طن من الموبايلات واجهزة المحمول المستعملة والقديمة».

المثير للرعب في الموضوع أنه، وبحسب ما ورد في تقرير الوكالة الأميركية فإن نحو «‏10 في المئة من كل هذه الأجهزة فقط هي التي يتم التخلص منها، ‏أما الباقي فيعاد تصديره للدول النامية».

الأمر الذي يثير مخاوف الكثيرين ممن يهتمون بأمور البيئة هو، وكما تقول سارا ويسترفيلت من شكبة بازل للعمل، في حديث لها مع وكالة «آي بي إس»، إنه ونظرا إلى ضآلة إمكانية وضع قوانين فيدرالية في هذا الشأن في عهد الرئيس جورج بوش، قرروا التعامل مع صناعات التدوير وأعلنت منظمتها لتوها عن إطلاق برنامج (إي ستيواردز) بالاشتراك مع تحالف (إلكترونيكس تيل باك) و32 شركة تدوير قمامة إلكترنية في الولايات المتحدة وكندا من أجل المساهمة في التخلص وبوسائل تراعي قوانين المحافظة على البيئة من المخلفات الإلكترونية، لكنها تعود مجددا كي تعترف بأن «من المستحيل حاليا معرفة ما إذا كان العاملون في قطاع التدوير يتصرفون بالصورة الواجبة».

والمواطن العربي، وهو يرى جحافل القوات الأميركية مدججة بأسلحتها، ومعززة بمعداتها العسكرية لا يملك إلا أن يتساءل: هل من الممكن أن تكون هذه القوات قد جاءت حاملة معها الكثير من النفايات الإلكتروينة التي رفضت الشركات الأميركية تدويرها أو التخلص منها بشكل علمي في الولايات المتحدة؟

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2271 - الأحد 23 نوفمبر 2008م الموافق 24 ذي القعدة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً