استقبلنا شهر رمضان المبارك في البحرين بتهديم وصف « بالوحشي» لخريطة البحرين، ذلك النصب التذكاري القديم الذي عرف الشارع الذي يقع عليه باسمه، وليس من المتوقع أن ينساه الناس سريعا. ولكن على رغم أن لا قيمة معنوية كبيرة لذلك «الهدم الوحشي» للنصب الذي لطالما اعتبره كثير من الناس « قبيحا» أو بعبارة ألطف «غير جذاب»، إلا أن تكسيره حمل للمواطنين، أو الحالمين منهم على الأقل، رمزية عالية. إذ ذكرهم بخريطة البحرين الأصلية، تلك المصنوعة من أرض وطين ومحاطة بمياه الخليج العربي، تلك الخريطة التي تنهار يوما بعد يوم، بوحشية « سادية» تتبع أسلوب « الموت البطيء».
لم تتهدم خريطة البحرين الأصلية بمعاول بناء، لكنها تتهدم كل يوم جغرافيا، ومعنويا، وسياسيا، بمعاول أخرى أكثر قوة وأبعد أثرا. تتهدم جغرافيا بحدودها التي تتغير يوما بعد يوم، عبر عمليات الدفان، وقتل البيئة، والزحف العمراني، وتجريف المياه، وصفقات بيع الأراضي غير المعروفة أو المعلن عنها. وتتهدم معنويا بحالة الإحباط التي طغت على ساكنيها، بهموم أثقلت كاهلهم من سوء الأحوال المعيشية إلى سوء الخدمات المقدمة، إلى الخوف من المستقبل غير المضمون. تتهدم سياسيا عبر قضاياها المعلقة من تجنيس وبطالة وفساد وغيرها من ملفات عالقة عجزت عنها الجمعيات السياسية والبرلمان معا. تتهدم خريطة البحرين يوميا بكل تلك المعاول، ويعاد تشكيلها من جديد. ولربما نعجز يوما ما عن تمييزها...
إقرأ أيضا لـ "ندى الوادي"العدد 1846 - الثلثاء 25 سبتمبر 2007م الموافق 13 رمضان 1428هـ