لا تختلف دسومة مائدة الإفطار في بيت الأستاذ مهنا آل حبيل عن دسومة المائدة السياسية في البيت ذاته. فقد كانت المائدة السياسية من الدسامة للحد الذي قال البعض: لا تنشر ما دار من حديث. سأنشر ولكن سأحتفظ باسماء من تحدثوا بعيدا عن أعين العسس والرقباء. وسأبدأ بمضيفنا الأخ مهنا آل حبيل.

مهنا آل حبيل من الكتاب الذين لا يفصحون بشكل دائم ومستمر عن نظرتهم للتعايش السلمي الطوائفي بين جميع الأطراف الإسلامية والوطنية، ولكن بالطبع من يعرفه عن قرب يعلم الجهود التي قام ويقوم بها في مضمار تأكيد التعايش السلمي بين الطوائف الإسلامية، خصوصا في محيط سكناه بإقليم الإحساء. ولذلك وجدت بعض النقد يوجه إلى مهنا من دون أن يشيروا إلى التقاطعات الوطنية التي يؤكد عليها دائما (أبا عبدالعزيز) في مقالاته. يذهب الناقدون إلى أن (أباعبدالعزيز) يتصدى للمشروعين الأميركي والإيراني في المنطقة. والتصدي للمشروعات الأجنبية ذات الأطماع التوسعية هو أمر خير. والأمة في عمومها، والخط العام العريض لدى جماهيرها هو رفض تلك المشروعات.

هو عينه الجمهور العربي تعاطف وبشكل تام وصارم وبإصرار جازم مع المقاومة الإسلامية في جنوب لبنان (حزب الله) وهي تواجه آلة العدوان الصهيوني. أي ليس الجمهور العام هو ضد المقاومة، أو بالأحرى والتدقيق ليس جمهور أهل السنة والجماعة هم ضد الشيعة كشيعة، بل هم ضد من يتعاون مع الأجنبي سواء الأميركي أم الإيراني, وذلك ما هو واضح وجلي في بلاد الرافدين. كما أن الرسالة البليغة لأيمن الظواهري والتي وجهها إلى «الزرقاوي» جاء فيها: لا أحد من السلف الصالح أو من العلماء السابقين استهدف الشيعة لكونهم شيعة فقط. هذه رسالة بليغة ومعبرة عن جمهور العلماء لدى أهل السنة والجماعة، خصوصا وهي تصدر ممن يعتبرون من أكثرهم تشددا وهي «القاعدة» وجماعتها.

ارتباط بعض الحزبيين الشيعة مع الأوساط الأجنبية لا يعني تخوين الشيعة كافة، تماما كما هو الحال مع ارتباط الأنظمة السياسية السنية مع الأميركان لا يعني تخوين السنة كافة.

إذا، أين تكمن المشتركات والتقاطعات؟! اعتقد بأن الجمهور العام، السني والشيعي على السواء، لا ناقة له ولا جمل في مصالح الحزبيين من الفريقين، وبالتالي فعلى القادة الجماهيريين وليس الحزبيين، وعلى المفكرين العاملين في الشأن العام، والذين غايتهم خدمة الأمة بعمومها العمل على تقوية الارتباطات الوطنية والانطلاق منها إلى الأممية. وليس الشطح والنطح مع السياسيين الحزبيين أصحاب المصالح الفئوية، والذين هم في غالبيتهم انتهازيون!

نعود إلى مهنا آل حبيل، فهو كما ذكرت يؤكد على التعايش السلمي، ويعتبر ذلك من الدين، كما أنه يرفض الاتصال بالأجنبي من أي فريق كان ولأي جهة كانت، وهذا الأمر حسن ولا خلاف عليه بين الوطنيين. إذا ما الذي يزعج الإخوة من اطروحاته؟! اعتقد بأنها الصراحة والوضوح في جانب، والجانب الآخر اعتقاد البعض إن كل من ينتقد إيران ودورها السياسي هو طائفي! وهذا إشكال عويص في الفكر. فإيران دولة إمبراطورية لها ما لها من أحلام توسعية لا تستوعبها عقول البعض، أو تستوعبها ولكنها تداري ذلك الاستيعاب!

تبقى التدخلات الأميركية والإيرانية قائمة في الخليج العربي تنتج ثمارها طالما ظلت الأنظمة في الخليج مستبدة ولا تلقي بالا لحقوق الإنسان الخليجي، وحكوماتها بؤرا للفساد وبعيدة عن تحقيق العدل والمساواة بين الناس... وسيظل الناس نهبا لكل طامع، سواء كان إيرانيا أم أميركيا، فالمسألة الحقوقية والمعيشية هي مدار الرحى في حراك الجماهير.