الوزارة العتيدة... ها قد عدنا لإعادة طرح السؤال! فيبدو أنّ 13 مقالا سابقا لم تحرّك غيرة الوزارة للدفاع عن نفسها في وجه سلسلة الإشكالات المطروحة على سياساتها الخاطئة. وهو أمرٌ أثار استغراب الكثيرين ودفعهم للسؤال: ألم ترد عليكم الوزارة؟ فكان الرد: لو عندهم رد مقنع لبعثوه، فسكوتهم دليل إدانة واعتراف وتسليم، بل ومحاولة تستّرٍ على ما يجري من أخطاء وتجاوزات.
ما اعتدناه من وزارة التربية طوال سنوات، أنه بمجرد نشر تظلّم من أحد العاطلين أو العاطلات بشأن التوظيف، سرعان ما نقرأ في اليوم التالي الرد المعلب التالي: «نشكر جريدتكم الغرّاء على نشر مشاكل الناس، ولكن بالنسبة إلى صاحب/ صاحبة الرسالة، فإننا نودّ أنْ نوضح أنّ هناك معايير ثابتة لا يمكن تجاوزها بأي حال من الأحوال، وهي: الكفاءة، والشهادة الجامعية، ومعدل التخرج، ونتيجة الاختبار التحريري والمقابلة الشخصية، ووجود شاغر، وأخيرا... وجود ميزانية معتمدة»... يعني أنت واقعٌ واقعٌ لا محالة.
بداية الاهتمام بالكتابة عن الوزارة، كان مع تكشّف التهافت لما سمّي بـ «الدوام المرن»، الذي سيعقّد حياة الأسرة والطلبة وأولياء الأمور، وهو ما روّجت له باسم حل مشكلة المرور، وتحسين المخرجات التعليمية مرة أخرى، وهي إدعاءات لا تصمد أمام النقد، بدليل أن الوزارة آثرت السلامة وصمتت صمت القبور، بعد أنْ اتهمت منتقديها بالتسييس تارة، وتارة بـ «المحاصصة»، مع أنّ الدوام المرن سيضرّر جميع الطوائف والأعراق.
حكاية «الدوام المرن» قادتْ إلى انكشاف جوانب الفساد المسكوت عنه بالوزارة، توظيفا وإدارة وبعثات عليا، في سياق سياسة إغراق الوزارة بأعضاء جماعة سياسية من «الموالاة»، على حساب بقية أبناء الوطن من التيارات الأخرى، وهو أمرٌ لم يعد خافيا على أحد. وآخر قضية في هذه السلسلة ما حدث لمعلمي الرياضة، من تجاوزٍ للكفاءات ذات الخبرة الطويلة وحَمَلَة الماجستير، وتعيين من هم أقل تأهيلا وخبرة منهم.
وبالمناسبة من أوصل تظلّم معلمي التربية الرياضية وأمدّنا بالمعلومات والتفاصيل، ليس من المحافظة الشمالية وإنّما من مدينة عيسى وبعض مدارس المحرّق، وبعضهم ممن نال شرف الجنسية حديثا. أسجّل ذلك للعلم، ولئلا يخرج أحد السفهاء مرة أخرى؛ ليشتم أعراضنا ويتهمنا بالطائفية والحقد في شهر رمضان.
التجربة المريرة لمعلّمي الرياضة تكرّرت بحذافيرها في مسابقة المتقدمين لشغل وظائف المدرّسين الأوائل ومساعدي المدير، وهم بالمئات. الوزارة لم تُعَنِّ نفسها بالرد، ليس على الإشكالات التي طرحتها، وإنما لتوضيح موقفها وتبرئة نفسها أمام موظفيها المتظلّمين من هذه السياسة التي يجزمون بأنها ظالمة وفيها محسوبيةٌ وفسادٌ وتجاوزٌ للمعايير التي وضعتها الوزارة وأعلنت عن شروطها على رؤوس الأشهاد.
بالمقابل، لم تكتفِ الوزارة بالإيعاز لبعض «أصدقائها» بالشتم، بل كانت هناك اتصالاتٌ وشكاوى شفوية ضد صاحب المقال؛ «لأنه يربط كلّ شيء بالوزارة، حتى لو حدث انقطاع بالكهرباء». ولن يعدم المرء ذلك لو أراد. فهناك تقارير صحافية وشكاوى يومية في الصحف تدين أداءهما، فمنذ بداية العام الدراسي كتب طلاب بعض المدارس يشكون من عدم توافر مكيّفات صالحة، وبعضهم شكا من انقطاعات الكهرباء. ونأمل ألا يخرج أحد «أصدقاء التربية» من أصحاب اللغة المهذبة الراقية، ليشتمهم ويتهمهم أيضا بالحقد والتحريض وتعمد تشويه سمعة «الوزارة» الطاهرة!
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 1846 - الثلثاء 25 سبتمبر 2007م الموافق 13 رمضان 1428هـ