ما بين المضي في الإصلاحات السياسية من جهة، والخطط التنموية والتطويرية لمختلف قطاعات الدولة الاقتصادية من جهة أخرى، فاصل من يتمحور حول إقرار حاكمية القانون ضد سرقة المال العام. وفي هذا السياق تحديدا، أتت تصريحات سمو ولي العهد مطلع الأسبوع الماضي والتي طالت فضاءاتها رؤوس الوزارات قبل كبار موظفيها تمام الحلقة المفقودة، وبادرة إنهاء ذلك الفاصل.
إن ما تعرضت له أموال هذا الشعب وممتلكاته العامة من سرقات ونهب واحتيال هو كثير بكل المقاييس، والكثير من البطون المصابة بالتخمة اليوم هي بطون نهبت من أقوات الناس وأموالهم ما لم ينهب أحد من قبل. واليوم، حين يخرج سمو لي العهد بتصريحاته تلك، فإن ذلك بالضرورة هو إيذان بأن لا مزيد من التلاعب والظفر غير المشروع بأموال الناس، وأن لمستقبل الأجيال القادمة بارقة أمل.
الذين أفلتوا من قبضة القانون والقضاء إثر العفو العام لا بد وأن يكونوا مدركين اليوم لمستجدات المرحلة الجديدة. هؤلاء أيضا، والذين يعتبرون أكثر المخاطرعلى مسيرة الإصلاح السياسي، لا بد وأن يتم تطهير الدولة من أيديهم الطويلة.
الذي نتمناه، هو أن لا تكون موجة «التصحيح» هذه، مجرد طفرة مؤقتة. وإلا فإن البقية الباقية من سرقة المال العام سيكون لها أن تعود لهواية «النهب» و»السرقة» من جديد.
لا نسعى إلى أن نقوم بمهام السلطة القضائية، ولا أن نذهب لتجريم من طالتهم تحقيقات النيابة حتى الآن، لكننا لمسنا وما زلنا نلمس، في بعض وزارات الدولة والشركات التي تمتلك الدولة نصيبا فيها من مظاهر الفساد الإداري ما يجعلنا نترقب عن كثب رؤوس أينعت، وحان قطافها.
الذي نتوسمه من سمو ولي العهد هو الاستمرار في برمجياته التي هي محط ثقة لدى شريحة كبرى من المجتمع البحريني، الذي نتوسمه أيضا، هو أن تثمر هذه التحقيقات والإحالات للنيابة عن كشف جزء من السرقات التي يتعرض لها أبناء هذا الوطن خلسة.
لقد أتى مجلس التنمية الاقتصادية بمعطيات مثمرة على مجمل العملية التنموية في البحرين، خصوصا في الشق الإقتصادي. وعلى رغم أن المجتمع لا يزال يتوسم الكثير من هذه المؤسسة إلا أن المعطيات التي ظهرت حتى الآن تبشر بالخير. وإذا ما تتبعنا الرعاية التي أولاها ولي العهد لهذه المؤسسة فإننا لنأمل في أن تكون كلمات سمو ولي العهد في سياق سيادة القانون عند المستوى ذاته من الأمل الذي نتوسمه منها.
إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"العدد 1846 - الثلثاء 25 سبتمبر 2007م الموافق 13 رمضان 1428هـ