العدد 1846 - الثلثاء 25 سبتمبر 2007م الموافق 13 رمضان 1428هـ

الشيء الوحيد الأسوأ من التكلم مع سورية هو عدم التكلم معها

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

بدأ الخلاف بين الولايات المتحدة وسورية بشأن العراق قبل فترة طويلة من بدء الغزو، واستمرت الأمور بالتدهور. لم تتقبل الإدارة الأميركية قيام سورية بالسماح للنفط العراقي، الخاضع للمقاطعة التي تفرضها الأمم المتحدة، بالانسياب عبر سورية، وبالتالي قيام سورية بمخالفة المزيد من عقوبات الأمم المتحدة بالسماح للعتاد العسكري من دول أوروبا الشرقية بالمرور إلى العراق عبر سورية.

الرئيس بشار الأسد قام بدوره بتحذير المسئولين الأميركيين الزائرين بأن قواتنا العسكرية تستطيع بالتأكيد إقصاء الرئيس صدام، ولكن جهودنا الإجمالية لتحييد العراق وإصلاحه محكوم عليها بالفشل بشكل قد يؤدي إلى زعزعة استقرار المنطقة بأكملها.

احتاجت الولايات المتحدة لبعض الدعم اللوجستي من سورية قُبيل الحرب ولكن سورية رفضت ذلك. في تلك الأثناء، وحتى بعد بدء الحرب، استمرت سورية بالسماح للعتاد العسكري وحتى للمتطوعين العرب بالدخول لدعم نظام صدام حسين، بينما قامت مؤقتا بإخفاء بعض كبار أعضاء النظام العراقي.

بعد الحرب فورا قامت إدارة الرئيس بوش بتكرار وتوسيع مجموعة كاسحة من المطالب بتغييرات في سلوك النظام السوري من دون أن تحدد ما يمكن لسورية أن تأمل بكسبه في المقابل. وقد قاوم النظام السوري هذه المطالب على رغم أن الولايات المتحدة كانت في قمة قوتها في العراق، وقام بعض الصقور في الإدارة بتسريب تقارير مفادها أن سورية قد تكون هي «التالية». جعلت هذه الأحداث من التعاون الحقيقي الذي كانت الولايات المتحدة وسورية قد شكلتاه لتحديد عملاء القاعدة وتحييدهم موضع شك ونقاش.

بعد مرور أربع سنوات لم يعد هناك حوار حقيقي بشأن الوضع على الحدود، بين الولايات المتحدة والدولة التي تتهمها بكونها المعبر الرئيسي للمقاتلين الأجانب، وخصوصا المفجّرين الانتحاريين في العراق. وهذا أمر غاية في السوء، لأن لدى كل من الولايات المتحدة وسورية الكثير لتربحاه والقليل لتخسراه من خلال حوار جاد مستدام. لقد بدأ نظام الرئيس الأسد يدرك أن العنف وعدم الاستقرار في العراق يخلقان فرصا للعناصر المضادة للنظام السوري لتبدأ بشن هجمات بنفسها، كما حصل في السفارة الأميركية قبل سنة. كما أن النضال الوطني الكردي هو قضية أخرى تزعج النظام. في أثناء ذلك يستمر الكثير من العراقيين بالسقوط ضحايا للمفجرين الانتحاريين وغيرهم من الجهاديين العدميين.

وبالإضافة إلى انعدام الثقة هذا، فإن العائق الأساسي أمام حوار أميركي سوري بشأن قضية الحدود العراقية السورية هو عدم استعداد الإدارة لمبادرة حوار حدودي مع سورية، أي حوار لا يقتصر على الحد من التسلل عبر الحدود والقضايا الإنسانية. لقد أثبت النظام السوري أن باستطاعته القيام بعمل أفضل في السيطرة على حدوده مع العراق عندما يرغب بذلك، على رغم أنه لا يمكن لأية حكومة سورية أن تغلق الحدود بشكل كامل. كما أن ذلك لا يعتبر مرغوبا إذ تستضيف سورية ما يزيد على 1،3 مليون لاجئ عراقي لا مكان آخر لهم يلجأون إليه (لم تستقبل الولايات المتحدة سوى ما يقل عن ألف لاجئ عراقي). إلا أنه ليس لنظام الأسد الآن أي حافز للرقابة على الحدود بشكل أكثر نشاطا، وعلى الأقل ليس لصالح الولايات المتحدة، عندما لا يُعرض عليه سوى مؤشرات مبهمة بعلاقات ثنائية أفضل.

كما تدعي الإدارة أحيانا أن حوارا أكثر اتساعا مع سورية يشكل خطأ، حيث أن نظام الأسد سيسعى لإعادة سيطرته على لبنان ويصر على إنهاء التحقيق الذي فوّضه مجلس الأمن الدولي في اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري، والذي ما زال احتمال إثبات تورط مسئولين سوريين فيه أمرا واردا. ولكن الإدارة ستجد دعما محليا ودوليا واسعا في رفض أية مطالب سورية كهذه. إلا أن هناك قضايا كثيرة أخرى يمكن للإدارة الأميركية أن تسعى ضمنها للوصول إلى توافق مع سورية، بما فيها الاستعداد لبحث اتفاق سلام سورية إسرائيلية في مسار منفصل عن مسار الفلسطينيين، وعرض خريطة طريق لرفع معظم العقوبات الأميركية ضد سورية. في غياب حوار كهذا، فإن الأسد مستعد للانتظار حتى انتهاء فترة هذه الإدارة وأن يجرّب حظّه مرة أخرى مع خليفة الرئيس الحالي.

في غياب احتمال منطقي بقلب نظام الأسد أو تغيير سياساته غير المتعاونة، فإن الإدارة تحرم نفسها من وسيلة دبلوماسية مهمة قد تساعد على إنقاذ حياة الكثير من العراقيين، وتحسين دور سورية المشاكس إقليميا، بل وحتى التوصل إلى سلام عربي إسرائيلي شامل.

ليست سورية تلك القوة الإقليمية العظيمة أو حتى المؤثرة كما كانت تحت حكم الرئيس الراحل حافظ الأسد. ولكن لها حلفاء في لبنان وبين الفصائل الفلسطينية الأكثر تطرفا، وإلى درجة أقل في العراق.

لا يشكل الحوار مع سورية مكافأة على سلوك سيئ بالقدر الذي يشكل فيه التوجه الواقعي الذي توصلت لجنة بيكر - هاملتون قبل شهور إلى كونه في صالح الولايات المتحدة بشكل أفضل.

*سفير سابق للولايات المتحدة في دولة الإمارات العربية المتحدة وسورية والرئيس

والمدير التنفيذي الحالي للأمديست، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 1846 - الثلثاء 25 سبتمبر 2007م الموافق 13 رمضان 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً