مرة أخرى تأتي الزيادة المقدرة بـ 15 في المئة في رواتب العاملين في القطاع الحكومي لتثير حسد وغضب العاملين في القطاع الخاص المستثنون من أي زيادة أو مكرمة أو دعم، وفي الواقع فإن رواتب القطاع الخاص لا تتجه في أي حال من الأحوال إلى الصعود ولكن بحسب الخبراء الاقتصاديين في البحرين فإنها تتجه للهبوط سنة عن أخرى.
ففي حين كان متوسط رواتب القطاع الخاص في العام 2002 في حدود 221 دينارا أصبح مع نهاية العام 2006 ما يقارب 210 دنانير « بحسب إحصاءات الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية» أي أن مستوى الرواتب هبط بمقدر 4 في المئة خلال أربع سنوات وكل ذلك في ظل التضخم المقدر بحوالي 15 في المئة ما يعني أن الرواتب الفعلية في القطاع الخاص قد هبطت بمقدار 19 في المئة.
وفي حين لا يمكن للحكومة أو البرلمان أن يفرضا أي زيادة في رواتب العاملين في القطاع الخاص يبدو أن هذا القطاع غير مستعد حتى الآن لتقديم رواتب تتماشى مع مستوى المعيشة في البحرين ما دام يعتمد بشكل شبه كامل على العمالة الأجنبية الرخيصة التي يمكن استيرادها من أي مكان في العالم لتستولي على فرص العمل التي من المفترض أن يكون البحريني هو المستفيد الأول من وجودها, فمن بين وجود أكثر من342 ألف عامل يعملون في القطاع الخاص هناك 271 ألف عامل أجنبي فيما يزيد عدد العاملين البحرينيين عن 71 ألف عامل بقليل ما يعني أنهم يشكلون أقل من 20 في المئة من مجمل العمالة.
ولذلك فإن القطاع الخاص يطالب بشدة بتحرير سوق العمل ويعارض فرض نسبة من البحرنة في المؤسسات والشركات كما يعارض رفع كلفة العمالة الأجنبية عن طريق فرض الرسوم ويعارض كذلك إلغاء نظام الكفيل الذي يلاقي الكثير من الانتقادات الداخلية والدولية ليكون هو المتحكم الأول والأخير في مستوى الرواتب التي يقدمها، ليس حسب قانون العرض والطلب في سوق العمل في البحرينة وإنما حسب قانون العرض والطلب على العمالة في دول شبه القارة الهندية وشرق آسيا والدول الإفريقية مادام مستوى الدخل فيها يقل كثيرا عن مستوى الدخل لدينا وما دامت هذه الدول يمكنها تصدير الملايين من عمالتها وبأقل الرواتب ما يجعل العامل البحريني في واقع الحال ينافس عمال بنغلاديش وباكستان والهند والفلبين وغيرها في معادلة غير منطقية ولا عادلة.
وعلى رغم أن القطاع الخاص يؤكد أنه باتجاهه للعمالة الوافدة فإنه إنما يفعل ذلك بسبب أن العمالة البحرينية غير مؤهلة وغير مدربة وتفتقد الانضباط في العمل وليس بسبب أن العمالة الوافدة أرخص فإن احد المسئولين يؤكد أن منطقة الخليج أصبحت أكبر معهد في العالم لتدريب العمالة الأجنبية التي تأتي لهذه الدول من دون أي مهارات وتتدرب في هذه الدول .
ولذلك ما الذي يرغم بالقطاع الخاص لرفع مستوى الأجور في البحرين ما دام يمكنه دفع الأقل؟
إقرأ أيضا لـ "جميل المحاري"العدد 1845 - الإثنين 24 سبتمبر 2007م الموافق 12 رمضان 1428هـ