صادف وجودنا في الولايات المتحدة في الأسبوع الماضي اتخاذ بنك الاحتياط الفيدرالي (أو البنك المركزي) تقليص معدل الفائدة للتمويل بين المصارف من 5,25 في المئة إلى 4,75 في المئة. هذه الفائدة تخص ما تفرضه المصارف على بعضها عند اقتراض مبالغ لمدة ليلة واحدة مستفيدة في الغالب من الاختلاف في التوقيت بين الدول مثل الولايات المتحدة واليابان.
وكانت وسائل الإعلام في الولايات المتحدة تنتظر بشوق القرار المرتقب لبنك الاحتياط الفيدرالي متوقعة حدوث تراجع لمعدل الفائدة، بيدَ أنه كان التوقع أن يتم تعديل المعدل بنحو 25 نقطة وليس 50 نقطة. كما أسلفنا تراجعت النسبة من 5,25 في المئة إلى 4,75 في المئة. وكنت أحضر فعاليات منتدى مستقبل الديمقراطية في ولاية فرجينيا عندما أعلنت مقدمة إحدى البرامج القرار وسط تصفيق حار من الحضور الأمر الذي عكس أهمية الموضوع بالنسبة إلى الشارع الأميركي في كل مكان.
النمو الاقتصادي
وعكس قرار البنك المركزي الرغبة في تحاشي حدوث تراجع في النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة على خلفية أزمة الرهن العقاري التي ظهرت إلى السطح أثناء فصل الصيف. ويعني التطور فيما يعني استعداد البنك المركزي إلى توفير خطوط ائتمان للمصارف الأميركية بنسبة فائدة أقل من الماضي. وهذا بدوره يعني أن بمقدور المصارف توفير الأموال بكلفة أقل للجمهور. كما أبقى بنك الاحتياط الفيدرالي الباب مفتوحا أمام اتخاذ المزيد من الخطوات لتقليص معدلات الفائدة فيما إذا كان ذلك ضروريّا لتنشيط الدورة الاقتصادية في البلاد.
كما تكشف هذه الخطوة ارتياح بنك الاحتياط الفيدرالي من وضع التضخم في الولايات المتحدة وعدم تخوفه من حدوث ارتفاع خطير في الأسعار. وقد لاحظت أثناء وجودي في الولايات المتحدة عدم وجود أزمة للتضخم كما هو الحال عندنا، بل في المقابل توجد منافسة بين الشركات لاستقطاب الزبائن عن طريق تقديم بعض العروض الخاصة ومنها الأسعار المخفضة.
يعتقد على نطاق واسع أن الصين تلعب دورا رئيسيا في عدم حدوث ارتفاع كبير للأسعار في الولايات المتحدة. تشتهر الصين بتصدير سلع ذات كلفة متدنية مقارنة بالكثير من دول العالم. كما أن السلع الصينية رخيصة نسبيا في الولايات المتحدة بسبب القدرة الاستيعابية للسوق الأميركية ما يعني استعداد الشركات الصينية لمنح خصومات خاصة للموردين الأميركيين من قبيل شركة «وول مارت» للبيع بالتجزأة. وعلى هذا الأساس تساهم الصين في جعل الكثير من السلع في متناول المتسوقين في الولايات المتحدة.
السوق المفتوحة
تعتبر السوق الأميركية منفتحة على العالم ما يعني استقطابها سلعا من مختلف دول العالم الأمر الذي يساعد في توفيرها بأقل الأسعار. وخير دليل على ظاهرة السوق المفتوحة تسجيل عجز كبير في الميزان التجاري بلغ 818 مليار دولار في العام 2006 بسبب قوة الواردات. حقيقة القول تحتل أميركا المرتبة الأولى في العالم فيما يخص الواردات. استنادا إلى آخر الإحصاءات المتوافرة, بلغت قيمة الواردات 1855 مليار دولار إذ تشتمل على النفط الخام والمنتجات النفطية والأجهزة الإليكترونية والسيارات والسلع الاستهلاكية الأخرى مثل الأقمشة قادمة من كندا والصين والمكسيك واليابان وألمانيا.
ختاما لا تمتلك دول مجلس التعاون الخليجي خيار عدم اتخاذ خطوات مماثلة لتقليص الفائدة نظرا إلى ارتباط العملات (باستثناء الدينار الكويتي) بالدولار الأميركي. لكن يخشى أن تؤدي خطوة تقليص معدل الفائدة إلى تعقيد مشكلة التضخم في دول المنطقة التي تعاني أصلا من مشكلة ارتفاع الأسعار.
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 1845 - الإثنين 24 سبتمبر 2007م الموافق 12 رمضان 1428هـ