أعراضها... اليأس، وانعدام الحماس للأشياء ... فقدان الرغبة للحياة فقدان احترام الذات، وعدم الاستمتاع بمظاهر البهجة!
اختلفت التسميات لتلك الأعراض! ولكن من المؤكد أنها الكآبة الكامنة في نفوس هؤلاء البشر، التي قد توصلهم إلى درجة الجنون في مراحلها المتأخرة!
هي لا تصيب الحيوانات! الإنسان فقط! لأسباب عدة قد تكون فسيولوجية (عضوية) كنقص في الإفرازات الهرمونية في الدماغ أو لأسباب «نفسية» سيكولوجية... مثل الكبت المتواصل، وجلد الذات، أو الظلم الذي نتعرض له سواء اجتماعيا شخصيا وأحيانا سياسيا... وعدم القدرة على التعبير والشكوى عن المعاناة، وقد يصيب الصغار فتتوقف ضحكاتهم وتزداد عدوانيتهم... وللحرمان من الحنان والاهتمام دور كبير في ذلك، والغريب حقا أن الأطفال المهملين الأثرياء يصابون به لكثرة الوفرة المادية بحيث تفقدهم الحماس للأشياء لعدم إدراكهم! بأنهم يفتقدون الرعاية.
والكآبة تعتبر مرض العصر الحديث! حينما ابتعد الإنسان وانشغل بالأجهزة وغابت المحبة والحميمية وطغى عليها حب المال وما تحققه من كماليات زائفة لا تجلب غير التعاسة!
قد ينخرط البعض في مجموعات متطرفة، وحلقات الزار أو الإدمان.
كما كثرت قراءة الطالع واللجوء إلى الشعوذة والسحر والغيبيات اذ يستغلهم جشع المشعوذين الأذكياء الذين عرفوا كيفية استغلال هؤلاء المساكين واشغالهم بطلبات خيالية مثل طلب لبن العصفور، أو شعرة من جلد قرد من الهمالايا ليسيطروا عليهم ويعطوهم الأمل في الشفاء، والغريب أنه قد يحدث الشفاء أحيانا لأنهم تمكنوا من شغل أوقات الفراغ وإبعاد ذهنه باشياء أخرى! وإيهامه بالمرض أولا والشفاء لاحقا! وهذا هو فن المشعوذين!
ووجدت الأبحاث أن هذا المرض لا يصيب الفقراء إلا قليلا! ربما لانشغالهم بالسعي لتأمين أساسيات الحياة... إلا إذا كانت الأسباب عضوية نادرا. فهم يمتلكون الحماس دائما لغدٍ أفضل والأمل في الوصول وتحسين مستواهم المادي والاجتماعي، فمن كانت لديه الأحلام والآمال لا وقت لديه لليأس أو الكآبة! ولديهم القناعة والفرح والسعادة دائما! ووجد أنها تنتشر بكثرة عند أصحاب الثروات المعزولين في بيوت عاجية وباتت الأموال عبئا عليهم، ولم يعد هنالك شيء يثير اهتمامهم أو يسعدهم، فهو يخاف من الآخر... حتى عندما يتصدق عليه... فهو يشعر أنه تعب في تجميع تلك الثروة، وكان يعيش لسنوات كثيرة متوترا غير مدرك لماذا يزيد في التجميع كي يوزعها عليهم في الآخر! لم يكن لديه الوقت للتمتع بجمال الحياة والتعرف على مباهجها، من الموسيقى والفنون الآخرى والطبيعة، أوالنظر بعمق إلى الحياة والتعرف على مفاتيحها!
ان الأغنياء الذين يعيشون من دون هدف واضح... سوى جمع المال... يثيرون الشفقة حقا! هم يتنقلون بسياراتهم الفارهة وثيابهم المكبلة بأنواع من الماركات! فاقدون للفرح الحقيقي ونعمة الحياة للحماس والأمل في الغد!
ولا يجدون مبررا لحياتهم، نراهم يائسين، هم مجرد جثث تتحرك في الفراغ ولقد ماتت كينونتهم! ودواخلهم كئيبة، مريضة!
قد يدفعون كل ما لديهم للحصول على تلك الفرحة واللذة التي يعيشها الفقراء أو ذوو الدخل المحدود، الذين لا يمتلكون حتى الوقت لإضاعته في الكآبة! فهم أثرياء جدا في دواخلهم وذواتهم! وحركتهم الحياتية!
قد يمر الوقت من دون أن نشعر به لكنه هو أحد أركان الحياة وأرقى الفنون التي يجب أن نتعلمها مبكرا للاستمتاع بالحياة وعدم التركيز على جمع المال للحصول على السعادة لأن المال أبدا لم يكن طريقا للفرح أو السعادة الحقيقية.
إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"العدد 1840 - الأربعاء 19 سبتمبر 2007م الموافق 07 رمضان 1428هـ